لا يوجد عاقل في بلادنا لا يشعر بمعاناة المرأة اليومية مع المواصلات، أو لم يعلن اعترافه أو تضامنه أو تألمه لها.

الجميع يتفهم وجهة النظر التي تحاول منع المرأة من ممارسة حقها الطبيعي في قيادة السيارة بذريعة سد الذرائع.

أصحاب هذه النظرة تحرك أكثرهم من مواقفهم السابقة ليروا المسألة من زوايا مختلفة، حقوقية واقتصادية ووطنية وأمنية واجتماعية، فاكتشفوا أن من الممكن استخدام مبدأ سد الذرائع نفسه في تمكينها من هذا الحق. أما الفئة التي لم تتحرك من موقفها فهي لن تتحرك منه إلا بقوة الواقع.

لقد خاض المجتمع حوارا منذ عقد مضى، فتخلخلت القناعات اليابسة، فكل يوم تتسع دائرة المؤيدين وتضيق دائرة الممانعين، ولو قادت المرأة السيارة غدا سيكون الأمر طبيعيا جدا، ما لن يكون طبيعيا غدا، ولم يكن طبيعيا أمس واليوم، هو عدم الانضباط المروري، عدم الجدية من السائقين في احترام النظام، وعدم الجدية من المرور في تطبيقه والتوعية به قبل تطبيقه، أستثني من ذلك "ساهر".

لا يوجد لدينا "نظام يمنع أو يسمح بقيادة المرأة السيارة"، تلك هي الحقيقة ببساطة كما قالها أمير منطقة جازان عند لقائه بالإعلاميات في خبر نشرته "الوطن" قبل خمسة أيام، وهو أدق تعبير سمعته من مسؤول كبير عن هذا الموضوع.

وقد حاول الأمير الإبقاء على الأمل حيا، مؤكدا للحاضرات أن الممانعة سرعان ما تلحق بالأمر الواقع، وأعاد لذاكرتهن "ما حدث في القصيم قبيل 45 عاما" من معارضة تعليم المرأة.

حديث الأمير لم يكن للإعلاميات فقط، ولكنه للمجتمع بما فيه جهة القرار. هناك جانب مؤلم في المسألة يمس لقمة عيش المواطن، وهو ما أضافه الأمير بعبارات واضحة، حين قال إن "أكثر من 50% من دخل الأسر السعودية يذهب لدفع راتب السائق الخاص والخادمة، ولا يتبقى للأسرة ما يكفي لتربية أبنائها وتوفير إعاشتها".

صحيح؛ في ذمة من ينزف يوميا دخل هذه الأسر؟!

صحيح؛ حتى متى ينزف دخل هذه الأسر؟!