من هو المجتمع الذي تلقي عليه باللائمة كل مرة؟ أنت تتحدث عن نفسك، المجتمع الذي تتذمر منه ليل نهار هو أنت، أولادك، إخوانك، أبناء عمك، أصدقاؤك، أنسابك، زملاؤك في العمل، حينما تنتقد المجتمع وتصفه بالجهل والتخلف فأنت تتحدث عن دائرتك، التي تتشابك وتتشابه مع دوائر أخرى.

سأشير لنقطة لم أقرأ لمن تحدث عنها فيما يعرف بـ"جريمة السويدي"، قبل ذلك أود أن أعود بكم لحكاية سبق أن ذكرتها هنا قبل سنوات، الحكاية كانت عبارة عن تجربة وهمية نفذتها شرطة إحدى المناطق لقياس مدى تفاعل المجتمع مع الحدث الأمني، قامت الشرطة بإيقاف سيارة على أحد الشوارع الرئيسة التي تعج بالحركة، كلّفت أربعة أفراد بالقيام بحركات مريبة والتوجه نحو السيارة، بحيث يثيرون الريبة في نفس كل من يشاهدهم، قاموا بتفكيك إطارات السيارة الأربعة، ووضعوها في سيارة أخرى، فروا من الموقع، العملية استغرقت 12 دقيقة، في تلك الأثناء تم التنسيق مع مركز البلاغات في الشرطة والمرور استعداداً لتلقي أي بلاغ حول سيارة تتعرض للسطو في ذلك الشارع، هنا المهم في الحكاية: مراكز البلاغ لم تستقبل أي اتصال على الإطلاق، مرت الجريمة التي شاهدها كل من مر في الشارع دون أي بلاغ، كثيرون مروا، كثيرون شاهدوا الجريمة، لكنها لم تلفت انتباههم، أو قل: لم تثر اهتمامهم!

- في جريمة السويدي انهال القاتل على ضحيته وسط الشارع، لم يبادر أي أحد لمحاولة إنقاذه، الناس يتفرجون ولا يتحرجون، عاود القاتل طعن ضحيته، لم يتدخل أحد، هناك أناس بلغ بهم التبلد أن تفرغوا للتصوير، شاهدت في المقطع رجلين من الوزن الثقيل، كانا يتفرجان كأنهما أمام مصارعة حرة، حينما نتحدث عن دور مفقود لهذا المجتمع فنحن نحمل أنفسنا المسؤولية بشكل مباشر.

السؤال الآن: هل أصبحت مسؤولية الأمن ملقاة على عاتق رجال الأمن وحدهم؟!