لم أستطع إكمال قراءة تفاصيل الحادث الأليم الذي أودى بحياة خمسة شباب في عمر الزهور. فقد أدخلت هذه الفاجعة الحزن في كل بيت. وما كان لوالدهم الدكتور إسماعيل البشري مدير جامعة الجوف أن يخرج اسمه من وسط جامعة فتية وعمل إداري منهك إلى كل بيت في أرجاء الوطن إلا لأننا شعرنا بأنه أخ لنا نشاركه وأسرته الألم والحزن إلا أن أصعب ما في هذه الفاجعة هو الخوف من أن تتكرر في أكثر من مكان بسبب أخطاء يرتكبها سائق متهور لا يدرك أنه يجرح قلوبا وييتم أطفالا ويرمل نساء، وفوق ذلك كله يزهق أرواحا بريئة.

إذا كنا قد عملنا نظام ساهر ليكبح جماح التهور، فقد ثبت بدون جدال أنه ليس الحل الوحيد. فمهما ارتفعت الغرامات، فلن يتوقف نزف الدماء، إن لم نسرع في عمل منظومة حمائية كاملة. ففي وجود نظام ساهر، تقول بعض الإحصائيات إن شوارعنا هي الأولى في حوادث المرور. وبغض النظر عن مصداقية هذه المعلومة، فبدون شك تؤكد أن ساهر لا يكفي.

لا بد أن نضع في الاعتبار عاملين يشكلان السبب الأساس في نزف الدماء في شوارعنا والخطوط السريعة: أخطاء الإنسان وأخطاء الطرق. لوقف أخطاء الإنسان، يجب ألا نركز في نظام ساهر على الغرامات فقط، ولكن لا بد أيضاً أن يشمل حزمة من العقوبات الشديدة، وفي مقدمتها الحرمان من القيادة والسجن والتعزير.

ولوقف أخطاء الطرق التي يتسبب فيها المقاولون والشركات، فلا بد أن يشمل السجن والتعذير المقاولين الذين يهملون قواعد السلامة. فبسبب ضعف المراقبة أصبح أمراً معتاداً ترك المقاولين الحفر مفتوحة لتلتقط أرواح السائقين، ويهملون وضع الإشارات التحذيرية ولا يكترثون بالتحويلات الخاطئة التي تسبب الحوادث المميتة. عاملان بسيطان لكنهما يسببان الوفاة على مدار الساعة بصورة إحصائية متصاعدة ومخيفة!