قال مختصون إن ما يحدث الآن في الجبيل الصناعية من تنافس قوي بين الشركات الصناعية يخدم الاقتصاد السعودي، فبعد أن كانت سابك الوحيدة وبدون منافس في ساحة الصناعات البتروكيماوية، ظهرت على السطح شركات صناعية أخرى تتلمذت في مدرسة سابك، حيث إن من يدير هذه الشركات المنافسة هم قياديون بكفاءات عالية نقلوا ما تعلموه من خبرة وتقنية من سابك إلى شركات القطاع الصناعي المنافس، ووصف البعض بأن ما يحدث من تسرب للموظفين من سابك لتلك الشركات ما هو إلا سيناريو متجدد لما حدث في السبعينات، عندما تأسست سابك وجلبت خبرات وكفاءات عالية التدريب من شركة أرامكو السعودية.

ويشير المهندس علي الغامدي، من موظفي سابك القياديين الذين انتقلوا للعمل في شركات أخرى ويعمل حاليا رئيسا لشركة ناشئة في القطاع الخاص في الجبيل، إلى أنه عندما تأسست سابك في الجبيل كان أمامها تحد كبير، ولكنها اجتازت ذلك بنجاح، وكان تأسيس سابك خطوة رائدة في بلد نامٍ.

وزاد الغامدي، "كان الهدف من تأسيس الشركة هو استثمار موارد البلاد الهيدروكربونية وتحويلها إلى مواد ذات قيمة مضافة عالية مثل الكيماويات والبوليمرات والأسمدة، لغرض التصدير وتهيئة المجال لتنمية الصناعات التحويلية في المملكة، ورفع نسبة إسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وقد شجع وجود سابك كثيرا من الصناعيين والمستثمرين على الدخول في مجال صناعة البتروكيماويات من خلال إنشاء شركات مستقلة عن سابك، وهو ما تحقق بالفعل، ومن الطبيعي أن هذه الشركات الناشئة تحتاج للخبرات في مثل هذا المجال، فما كان منها إلا أن لجأت للتفاوض مع عدد من مديري الصناعات في سابك للعمل لديها بمميزات وظيفية أعلى، على أن يتولوا مسألة التأسيس لهذه الشركات، لتظهر شركات منافسة مثل شيفرون وسبكيم والتصنيع الوطنية والصحراء والمتقدمة والفارابي، والتي سجلت نجاحا كبيرا كان الفضل فيه لمؤسسيها من قيادات سابك الذين ظفرت بهم.

ويشير المهندس محمد الراشد "صناعي"، أن ما حدث لسابك من تسرب للموظفين للشركات الناشئة هو نفس الوضع مع شركة سابك عندما تأسست في السبعينيات، حيث جذبت سابك كفاءات وقيادات وطنية مدربة بشكل كبير كانت تعمل في شركة أرامكو، حيث يعود الفضل للتقدم الصناعي وظهور سابك بهذا الحجم من القوة نتيجة الاستعانة بخبرات موظفي الشركة الأم موظفي "أرامكو السعودية"، لتصبح سابك من أكبر الشركات العالمية في صناعة البتروكيماويات.

وأضاف، بأن سابك لعبت دورا كبيرا في تحقيق التكامل الصناعي بوجود الشركات المنافسة، وخلقت فرص وظائف بالآلاف للسعوديين، ونقلت التقنية ولعبت دورا في تنمية المجتمع، وأرى أن استفادة الشركات الناشئة والجديدة من خبرات سابك أتت ثمارها، وأنه قد جاء الدور الذي ينادي به الصناعيون اليوم في تحقيق قوة في الصناع السعودية من خلال التكامل والتنوع الصناعي بين سابك وتلك الشركات، وخدمة المصالح المشتركة للمملكة ومواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.

بدوره، تحدث المهندس ماجد الأحمدي، الخبير الصناعي والقيادي السابق في إحدى شركات سابك، والذي أسس شركة للتطوير والتشغيل الصناعية تهتم بإنشاء مشروعات في الصناعات الأساسية والتحولية، وقد ساهم الأحمدي مع فريق عمل من المهندسين استقطبهم من شركات سابك في تأسيس شركة كيان للبتروكيماويات، قائلا: "إن ما حدث من تسرب موظفي من شركات سابك للقطاعات الصناعية الأخرى أمر إيجابي، خاصة أن المغريات التي قدمتها الشركات الناشئة في الجبيل من خلال تقديم حوافز وبدلات ورواتب مميزة كان لها الدور البارز في استقطاب الكفاءات، وشركة سابك قادرة على التعويض للموظفين من خلال خبرتها ومركزها القوي، وبحق سابك هي من لعبت الدور الأكبر في خلق هذه الصناعات التي تنفذ أعمالها بخبرة سابك وموظفيها، وهو ما ساهم في تطور الصناعات السعودية في البتروكيماويات، مشيرا إلى أن الشركات تشرب حاليا من نفس الكأس الذي شربت منه سابك، إذ إن شركات جديدة مثل معادن وميتال وساتروب وصدارة تحول إليها عدد من موظفي هذه الشركات، وستستمر قضية تسرب القياديين والموظفين لمن يقدم الحوافز المناسبة لهم.