• أفهم أن التصوّر هو مجموع ما تختزله ذاكرة (فرد أو مجتمع) من الأشياء والأفكار والعادات والتقاليد وما يحيط به من المعارف والتديّن واللغة!.

• حسناً.. الإنسان نفسه ـ وبأثر محيطه بالطبع ـ ينسج تصوراته حيال الأشياء. وقطعاً فإن لكل شيء، بلا استثناء، صورة وتصور ما في داخلنا. ثم ترجع هذه الصور والتصورات فتصنعنا وتصنع سلوكنا وحياتنا. إذن نحن من يصنع تصوّرات الآخرين عنا. السيىء والكريه والفاسد و.. الخ لم يأت أحدهم لا كريهاً، ولا فاسداً، ولا سيئاً من أصل خلقته، هو الذي قدم نفسه بهذه الصورة في أعماق من حوله، بمجموع أفعاله وسلوكه، والمرء الصادق والعامل والمختلف لم يأت أحدهم جاهزاً من أصل خلقته، هو أيضاً بمجموع أفعاله وسلوكه من حفر صورته في أعماق الناس. كلنا بدأنا من الصفر، كلنا كنا أطفالاً، وقبل ذلك لم نكن شيئاً مذكورا!.

• والمجتمعات مثل الناس بالضبط، هي التي تصنع صورتها لدى العالم، بعموم سلوكها وأفعالها. وهذا يعني أن أجدى ما يلزم لتغيير مجتمع ما، هو تغيير تصوراته، حينها فقط ستتغير صورته. إبراهام لونكلن أدرك هذا فاستطاع أن يغير تصوّر السود في أمريكا عن أنفسهم، قال لهم مرة "إنكم لا ترونهم كباراً إلا لأنكم راكعون"، وبعد عقودٍ ليست بالكثيرة صار أحد هؤلاء السود زعيماً لأمريكا نفسها. الشعب الألماني تصور يوماً ما أن له عرقاً أسمى من أعراق البشر، وبعد الحرب العالمية الثانية، التي أطاحت بالرجل الذي حشده بذلك التصور، كانت قد سُوّيت ألمانيا بالأرض، لكن جاء نظامٌ آخر، كرّس في شعبه قيم الإنسانية الحية، بما فيها من العمل والحقوق والسواسية، لتصبح ألمانيا في أقل من خمسين عاماً من الدول الثماني العظمى، وخرج الألمان من صورة النازيّ القاتل، إلى صورة الشعب العامل والدقيق، وصارت صورة (الماكينة الألمانية) في أذهان وأفواه كل الشعوب. الألمان الذين اعتقدوا في زمنٍ مضى أنهم فوق البشر، كان في تشكيلة منتخبهم الوطني في كأس العالم الأخيرة ستة من أصول أفريقية سوداء، وواحد من أصل عربي، وواحد من أصل تركي. لقد تغيرت تصورات شعب كامل، فتغيرت صورته!.

 




• ترى ما الصورة الغالبة عنّا، نحن السعوديين، لدى العالم؟ وصورة مجتمعنا هذه هل تمثلنا كلنا؟ أو.. تشبه من فينا؟، وهل نحن راضون عنها؟، ومن هم صُنّاعها، جميلةً كانت أو غير ذلك؟ ومن هم الذين مثّلوها؟ وأهم من هذا؛ ما هي التصورات التي صاغتنا؟ وهل نحتاج لمراجعتها؟.

[email protected]