نعم تستطيع محاسبة الموظف حينما يأتي إلى العمل دون الثوب، تستطيع ملامة زميلك حينما يحضر حفلاً أو مناسبة رسمية دون أن يرتدي الشماغ، ليس لأن هذه الأزياء هي الهوية الوطنية، بل لأنها الزي الرسمي للبلد، وبون شاسع بين هذه وتلك! تتجاوز الهوية الوطنية كل القيود الضيقة نحو مفاهيم شاملة مرتبطة بالأرض والقيم، لا يمكن تقييد الهوية حسب الأهواء والأمزجة، إن أردنا تعزيز الهوية الوطنية فلا يجب حصرها أو تأطيرها بلباس، أو هيئة معينة، نحن شبه قارة تمتلئ بثقافات وموروثات مختلفة!
أطرح هذا الموضوع بعدما قرأت مقالاً للأخ العزيز الدكتور "عبدالعزيز الخضيري" بالمناسبة شخصية المسؤول الديناميكي الجاد التي يمتلكها الخضيري تخبئ خلفها مثقفاً رائعاً ذا قلم سلس وبليغ - يرفض فيه الدكتور أي انتقاد أو حديث عن المشلح، الذي يراه كثيرون أحد معوقات المرونة الإدارية، يقول معلقاً على هذه الأصوات: "خطورتها أنها تقود نحو تغيير مستمر في أسلوب لبسنا، لأن من يحارب المشلح اليوم سيحارب الغترة غدا والثوب بعد غد"! لم يقنعني الدكتور ما سر التمسك بهذه "المشالح" طالما أننا لسنا في زيارة رسمية، أو حفل رسمي، أو حتى في أيام عيد، ثم ما الحكمة والفائدة من التمسك بهذا الرداء في أماكن لا يليق - من باب الذوق - ارتداء المشلح فيها، شاهدت قبل فترة صورة لشخص في مخبز "تميس" مرتدياً المشلح! سأتفق مع الأخ الدكتور "عبدالعزيز الخضيري" في كامل موضوعه، لكن ليسمح لي أن أختلف معه في نقطتين، أولاً: لا علاقة للمشلح بالهوية الوطنية، لنتفق على تسميته بـ"الزي الرسمي" لا الزي الوطني، سيما وأن هناك دولاً كثيرة يرتدي مواطنوها هذا المشلح كإيران وباكستان وأفغانستان، الأمر الآخر: إن ارتداء المشلح كزي رسمي يجب تقييده بظرفي الزمان والمكان، فلا يمكن لنا فهم ارتداء المشلح في بعض الأماكن، كالمسؤولين الذين رافقوا أمير الرياض ونائبه في موقع حفريات قبل يومين، اللافت أن الأميرين حضرا للمكان دون مشلح، ما يجتمع مشلح مع شيول وحفّار وقلاب وغبار.. هل تتفقون معي؟!