الإشاعة هي صناعة "شعبية" في أغلبها، إلا ما كان متعمداً للإساءة، كما هو نهج الصحف الصفراء، وجزء كبير من الصحف الإلكترونية تحولت إلى صفراء حتى لو لم تصطبغ بـ"اللون"..!
صناعة الإشاعة أسهل من "شرب الماء" عندنا وتداولها أمر مشاع بيننا، وأقرب وآخر مثال هو استخراج "شائعة" وتبنيها وترويجها من بطن تلك "التغريدة" التي أطلقها الصحفي القدير "جمال خاشقجي"، عبّر فيها عن نيته متابعة أخبار الساعة التاسعة والنصف على التلفزيون السعودي، بعد دقائق من وصول الملك - حفظه الله - إلى الرياض قادماً من روضة خريم، ولم يذكر شيئا سوى "نيته"..!
تجاوز الأمر تحليل "تغريدة" خاشقجي، بأنها "قد" تحوي إيحاءات بشيء قادم، حتى وصل الأمر إلى أن البعض اعتمد على نية "جمال" وأطلق تغريدات ورسائل، مؤكداً صدور قرارات ملكية تعلن في نشرة أخبار التاسعة والنصف على القناة الأولى.. فكسبت "القناة الأولى" عودة المتابعين لدقائق فقط..!
ولو فكر بعض متداولي الإشاعة قليلاً لما مرت عليهم الإشاعة، القرارات الملكية ليست مرتبطة بعودة الملك من روضة خريم، فأهم قرار سعودي أخذ صدى عالميا كان قرار تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، أصدره الملك وهو في روضة خريم، وأهم لقاء تاريخي كان بين الملك والرئيس الأميركي تم في روضة خريم.. ولو زدنا جرعة التفكير لوجدنا أن كل القرارات الملكية الأخيرة لم تنتظر نشرة أخبار التاسعة والنصف لتكسب صفةً رسمية، بل تعلن وقت صدورها دون التفكير بأقرب نشرة أخبار..!
حين لم تعلن قرارات ملكية في نشرة التاسعة والنصف أول من أمس، صب كثير من المغردين جام غضبهم على صحفي قدير لم يقل لأحد شاهد الأخبار، ولم يطلب من أحد انتظار شيء؛ فقط كانت "جنايته" أنه قدم درساً عملياً يكشف كيف نصنع إشاعة بناءً على فهمنا، ثم نصدقها، ثم نغضب بأنها لم تكن حقيقةً..!
(بين قوسين)
ترويج ما لست متأكدا منه؛ قد يجعلك لبنة في بناء الإشاعة.. و"كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع".