أقترح على (علا) بطلة مسلسل (عايزة أتجوز) التي حفيت أقدامها وراء العرسان طوال شهر رمضان الكريم ولم تظفر ـ حتى اليوم ـ ولا بعريس واحد (كحيان)، أن تستلف أحد أزواج الحاجة (زهرة) المتكدسين على رصيف ست الحسن والجمال! أو لتعيرها ـ على الأقل ـ (زهرة) هانم أحد المعجبين الحالمين بنظرة من عينيها، فالظاهر أن نساء مصر انقرضن، ولم يبق على وجه أرض الكنانة إلا الست إياها! ولا تتعجب أيها القارئ الكريم عندما تعلم أن المسلسل إياه (مكسّر) الدنيا وحديث الساعة في العالم العربي؛ بأزواجه الخمسة؛ وسيناريوه الركيك؛ وأحداثه الهزيلة العارية من المنطقية، والعازفة على أوتار الأفلام الهندية! ولعل ارتفاع مقياس المتابعة يتناسب طرديا مع قصر ملابس البطلة وبعدها عن الاحتشام، فكلما قصر الثوب زادت نسب المتابعة! وعليه تساقطت عقود المسلسلات كالمطر على البطلة، لتضمن من الآن موافقتها قبل زحمة رمضان القادم، وعجبي!
وعودة إلى مسلسل (عايزة اتجوز)، وعلى عكس رؤية بعض من اتهم المسلسل بإعادة المرأة العربية عشرات السنين إلى الوراء؛ كونه يدندن على قضية ظل راجل ولا ظل حيطة! أرى أنه بضدها تتمايز الأشياء، وقد نجح المسلسل في تصوير سطوة وضراوة الضغوط الواقعة على الفتاة التي شارفت الثلاثين في المجتمع المصري ولم تتزوج؛ لتطوي بعضهن صحائف علمها وثقافتها، وتخدر وعيها منجرفة وراء الضاغط الاجتماعي، لتمارس البحث الكؤود عن عريس الغفلة في كل مكان، وبأية وسيلة وطريقة حتى لو كان فيها إهدار لكرامتها وكبريائها!
فالمسلسل ينتقد تلك الضغوط والجري الماراثوني وراء العرسان بسخرية لاذعة، من خلال كوميديا راقية ومختلفة وحوارات محبوكة، يُظهر فيها المونلوج الداخلي للممثلين بصوت مرتفع؛على طريقة المسلسلات الأمريكية الكوميدية. فضلا على أن المسلسل يلامس إشكالية صعوبة العثورعلى النصف الآخر في زمننا، وارتفاع مقاييس كلا الطرفين المتوقعة في الآخر. ويعرج منتقدا الكثير من الظواهر كاللجوء للسحر والشعوذة للحصول على عريس.. ويقارب إشكالات اجتماعية ثقافية ولدت من رحم العولمة وثورة الاتصالات؛ كعيد الحب والعلاقات الغرامية على (الشات) بأسلوب فكاهي ممعن في التهكم والسخرية؛ يعتمد المبالغة والتهويل وهما أحد أدوات الكوميديا الساخرة!
وعودا على بدء، (علا) المسكينة تمد يديها للحاجة (زهرة) الحائرة بين أزواجها المنقادين وراءها كالخرفان قائلة: لله يا محسنين عريس!