حملت وزيرة الثقافة الأردنية لانا مامكيغ خطاب التيار الديني، وانخراط المثقفين في الصراعات الفكرية مسؤولية كبيرة تجاه البطالة التي يتعرض لها مجتمعنا العربي، وألقت في حديثها إلى "الوطن" باللوم على المفاهيم التي أصبح العقل العربي يحملها تجاه العمل، مما ولد لدى مجتمعاتنا العربية بطالة مقنعة.
هنا نص الحوار:
انتقدت في خطابك أثناء تدشين تقرير التنمية الثقافية تخاذل الخطاب الديني في إبراز ثقافة العمل لدى الشباب العربي، دون الإشارة لدور الحكومات أو الجهات الخاصة؟
انتقدت أزمة التفكير لأن أزمتنا الثقافية تعود للمربع الأول التي هي الثقافة الرعوية وفيما بعد الثقافة الاقطاعية، كلا الثقافتين ساهمتا في البطالة، والبطالة ليست ذنبا تقترفه الحكومات دائماً، هناك بطالة مصطنعة من الأفراد، أي حالة تعفف عن العمل اليدوي هي بطالة بقرار ذاتي، وأي حالة توظيف بلا إنتاج وهي حالة عربية واضحة، حتى حولنا بعض المؤسسات إلى صناديق للمعونة، وأحيانا في ثقافتنا يفتخر بعضنا بأنه يقضي من ست إلى سبع ساعات دون أن يفعل شيئا لوطنه ويتقاضى راتبا، لدينا بطالة مقنعة وهي ثقافة معيبة، تضاف إلى ثقافة التململ من العمل والتهرب منه.
ولكن دور الحكومات هو خلق وظائف، أين الحل؟
الحل هي المنطقة الوسطى بين تلك الحالات بين ما تحدثت به وبين ما يحدث، والحل هو تفعيل دعم المشاريع الصغيرة، وتكاتف القطاع الخاص مع الحكومة؛ في عدد من الدول العربية بدأت المشاريع الصغيرة تظهر وتثبت جدواها، ويجب أن يكون هناك فكر إبداعي، وعمل جماعي وعدد من المحفزات التي تساهم في خلق ثقافة عمل.
تنتقدين دور وخطاب التيار الديني في موضوع البطالة، ما الذي تتوقعونه من ذلك الخطاب؟
الثقافة العربية الإسلامية كانت ثقافة ذات حضور وألق في المشهد العالمي في زمن مضى، الآن علماء الدين الأفاضل يركزون على بعض القضايا الجانبية في حين أن هناك قضايا أهم، ومن أهمها قضية العمل، حيث يقول تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم"، وموضوع الإتقان "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" نحن من يكرس قيمة العمل، الآن بسبب البطالة المقنعة جميعاً نتهرب حيث نريد وظائف لكن لا نريد عملاً نريد وظائف لكن لا نريد أن نتعب.
ولكن أين دور المثقف العربي، في معالجة قضايا الشارع وتقديم الحلول للمشاكل التي أصبحت تحيق به من كل جانب؟
منذ الخمسينات انخرط المثقف في القضايا العقائدية والقضايا الإيدلوجية؛ والانخراط في هذه القضايا حق شخصي وحق إنساني، لكنه فرض نوعا من المسافة بينه وبين صانع القرار، فتحول المثقف إلى "معارض" والمعارض تحول إلى شخص مقصي عن صناعة القرار، واكتفى بهذا الموقع، في كل الحالات نتجت حالة إقصاء للمثقف اختارها لنفسه وابتعد عن هموم الشارع، وبالتالي وصلنا إلى هذه المرحلة، لو لعب المثقف الدور المأمول منه لما انتهت هذه الثورات هذه النهاية المأساوية، المثقف العربي يجب أن يفهم أكثر من رجل الشارع ولذلك لن تكون هناك أدوات تواصل.
كيف تتعامل الحكومات مع مثل هذه التقارير؟
التقرير يحمل الكثير من المقادير الموضوعية التي يجب أن ترتبط بالبحث العلمي، فهذه الوثيقة سأقدمها لوزيري التعليم العالي ووزير العمل ووزير التخطيط ليتم الاستفادة مما ورد فيها، لأن هذه الوثيقة تمثل خارطة طريق لكل الدول التي شملها البحث في التقرير مثل الأردن والمملكة العربية السعودية وتونس والعراق والإمارات وبقية الدول، وإن شاء الله يستفاد من هذه التقارير، وأصر على أن أظل متفائلة.