قبل أيام وبسبب خلاف مواطن مع عامل "التموينات"، الذي رفض بيعه علبة سجائر بفارق 3 ريالات تهجم عليه بـ54 طعنة أنهى بها حياته كجريمة علنية أثارت ذهول المارة، دون أن يتدخل أحد منهم في إيقاف هذا الحادث المروع، واتضح فيما بعد أن الجاني يعاني من اضطرابات نفسية آثار الإدمان وظروف أخرى محيطة لا تجعله يخجل أو يتردد في فعل أي شيء.
قد يرى البعض أن تناول مثل هذه الحالات بشيء من التحليل يؤخذ كمبرر أو حجة تقف دون إدانة الجاني، ولكن هذا لا يعني أن تأخذ العدالة مجراها بعد وقوع الجريمة، غير أن البحث في الأسباب يحد من حدوثها مستقبلا.
وقد اتضح أن القاتل غير متوائم مع محيطه بسبب حالته، الأمر الذي يؤزم هذه الحالة ويشجع على انحراف السلوك دون أن يضع اعتبارا لتصرفاته.
وقد رصد محيطه كثيرا من السلوكيات التي انتهت بجريمة قتل، كانت نتيجة لتزايد العقد في الحياة الاجتماعية ولتفاعل طويل بين الفرد وبين ظروفه الخارجية.
ويمكن تفسير هذا بأن الفرد فشل في استيعاب الاتجاهات الدارجة والعادات والأهداف والقيم التي تشير إلى تصرفاته بأنها منحرفة، فانعدام التوافق يزيد من تدهور الحالة. أضف إلى ذلك مشكلة الفقر التي تعد أحد الأسباب التي تقود الفرد إلى الجريمة، وكلما ارتفعت نسبة الفقر زاد معدل حدوث الجريمة وظهرت حالات التشرد والإدمان.
فتحقيق العدالة الاجتماعية كفيل بالحد من حدوث هذه الظواهر، التي أصبحت تهدد النسيج الاجتماعي بالتمزق.
مجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض، كان قد أكد على حاجة القاتل للعلاج، وأنه من المرضى المعروفين لدى المجمع، إضافة إلى وجود شكاوى من أبناء الحي والمحيطين، إلا أنه مطلق لعدم وجود أسرة شاغرة، رغم حاجته إلى الرعاية الصحية والدور الحيوي الذي يقدمه التأهيل الاجتماعي، فالشخص الذي بمثل حالته لا يستطيع التعايش والتكيف مع المجتمع الطبيعي، واللوم هنا يقع على هذه الجهات التي تركت مثل هذه الحالة الخطيرة تتصارع مع ذاتها ومع محيطها وترتكب الجرائم دون الشعور بالمسؤولية تجاه حجم الخطر الناتج عن هذا الإهمال.