تدهورت الأوضاع في مدينة طرابلس اللبنانية بصورة ملحوظة أمس، بعد ساعات وجيزة من الهدوء الحذر، إذ عادت الاشتباكات إلى مختلف محاور القتال، وارتفعت حصيلة القتلى إلى 13 بعد سقوط 4 قتلى في باب التبانة برصاص قناص. وبلغ عدد الجرحى 49 شخصاً، هم 13 من الجيش والأمن، و24 مواطناً من باب التبانة، و12 من جبل محسن. وأكد شهود عيان أن عمليات القنص لا تزال تدور بين منطقتي التبانة وجبل محسن، وسمعت أصوات الأعير النارية مما دفع وحدات الجيش للرد على مصادر النيران بقوة.

وكانت الاشتباكات العنيفة عادت صباح أمس بعد ليلة حامية من الاشتباكات، حيث لا تزال تسمع أصوات الرصاص. وتقوم وحدات الجيش اللبناني بالرد بكثافة وبشكل مركَّز على مصادر النيران لإخمادها.

قضائياً، وجَّه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الأجهزة الأمنية في الشمال من شرطة عسكرية وقوى أمن داخلي وغيرها، بالبحث والتحري عن الأشخاص المتسببين في الأحداث الأخيرة، وكل من يطلق النار على أفراد الجيش والسكان والأهالي، وتوقيفهم أمام القضاء.

بدوره، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه قرر بالتوافق مع جميع نواب المدينة اتخاذ موقف موحد حيال أي خلل أو تلكؤ في تنفيذ ما اتخذ من قرارات في الاجتماع الأمني الذي عقد أول من أمس، وقال"ستكون لنا كلمة واحدة حيال ما يجري، فلا رئاسة دائمة، ولا نيابة تدوم، ولا زعامة تفيد، ولا شيء يستحق سقوط الأبرياء وتدمير طرابلس الحبيبة. وأنا على يقين بأن كل قيادات المدينة وفعالياتها سيكون لها الموقف ذاته، لأن طرابلس للجميع وصدرها الرحب ومحبتها تتسع للجميع. أما من يستهدفها فسيلفظه التاريخ وسيحاسب في الدنيا والآخرة على ما جنت يداه".

من جهته اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي جولة العنف الجديدة في طرابلس بأنها "انكشاف أمني خطير، رغم خطة الانتشار التي تبذلها الأجهزة الأمنية مع الجيش وما يرافقها من توافق سياسي لتنفيذها"، وقال "أخطر ما في الأمر هو عمليات القنص التي تشعل المدينة وتجعلها رهينة بيد قناص قد لا يكون لا من باب التبانة ولا من جبل محسن، وللأسف فإن بيئتنا حاضنة لأسباب التفجر، مما يجعلها في أكثر الأحيان ضحية سياستها الضيقة. وقى الله لبنان شر هذه الأيام".

وفي ذات السياق، رأى رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة أن الوضع الحالي يستلزم سحب الدولة للسلاح من الجميع في طرابلس، وقال "التراخي الأمني منذ تفجيري المسجدين دفع البعض لأن يحاول أخذ زمام الأمر بيده، واستعمل السلاح للقصاص ممن ليسوا هم مسؤولين عن هذا الأمر، وهذا يشكل مظهراً من مظاهر تردي دور الدولة وحضورها وهيبتها". وأضاف "من غير المقبول أن يكون مطلقو النار معلومين ولا يتم اعتقالهم. ولم تعد بالإمكان معالجة الوضع في طرابلس بالمسكنات والإجراءات الظرفية العابرة، بل هناك حاجة من أجل اتخاذ قرارات حازمة يتم تنفيذها حتى لو اقتضى الأمر تغيير رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية في المدينة من أجل أن يسود شعور بأن هناك إجراءات جديدة سيتم تطبيقها".

من جهة أخرى، اعترف حزب الله اللبناني بسقوط 35 من عناصره في سورية خلال الشهر المنصرم، وقال في بيان أمس إن من بين القتلى 6 من القياديين الكبار، وبهذا يصبح نوفمبر الماضي أكثر الشهور دموية بالنسبة للحزب منذ معارك القصير، ورغم ذلك إلا أن البيانات الصادرة عن المعارضة تشير إلى أن العدد الفعلي لقتلى الحزب الطائفي في معارك القلمون والغوطة الشرقية أضعاف هذا العدد. وأضاف الحزب في بيانه أنه فقد 4 من عناصره في تفجير السفارة الإيرانية في بيروت، بينهم المسؤول عن أمن السفارة رضوان فارس المعروف باسم الحاج رضا.