ولا شيء من نشاز في العنوان بعاليه وكل ما في الأمر أن العنوان هو ذات اللغة التي نبطن ولا نظهر. نحن مثلاً لا نقولها في احتفال عام أو في مقدمة كلمة. لكننا مثلا نعرف أنهم معنا في المحفل والمجلس. في المشروع والمناقصة وعقود الترسية ومستخلصات المشتريات وعمولة الاستلام ودفاتر المخالصة. هي اللغة التي نبطن ولا نظهر. نقول عنهم مثلاً: أصحاب السعادة، وأحياناً، أيها (الإخوة) الكرام. ندعوهم إلى مجالسنا وضيافتنا ثم نقول: أيها الضيوف الكرام. نبدأ معهم بالبسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. نقول لهم دائماً: تحية وبعد، ونختم معهم دوماً بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. القصة أن أصحاب السعادة من رموز الفساد هم تماماً مثلنا يقرؤون القرآن الكريم ويأتون في ثناياه على كل آيات (الغلول) وفي الشهر الكريم يختمون المصحف الشريف والأدهى أنهم (يؤمِّنون) خلف الإمام في دعاء القيام والقنوت. أصحاب السعادة من رموز الفساد أيضاً مثلنا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ويعرفون حتى حديث ابن اللتبية ويشدون الرحال إلى مسجد النبي الكريم المصطفى. وعندما كنت مراهقاً كان أقصى طموحي أن يأتي اليوم الذي أتوسد فيه حفلة لأتوسطها وأنا من (حضرات السادة أصحاب السعادة) في استهلال الكلمات. كنت أطمح بالهروب من كوني من (أيها الإخوة الحضور) أو (أيها الجمهور الكريم). اشتعل الرأس شيباً ولم أصل لمرتبة أصحاب السعادة، ولن أكذب على نفسي ولا تكذبوا على أنفسكم: كلنا ذات الطموح وإلا: فلماذا حظوتنا (بأصحاب السعادة) في مجالسنا وشوارعنا ومساجدنا؟ في خيمة القبيلة أو احتفال الإدارة؟ كل الفارق البسيط أن (الجمهور الكريم) و(الإخوة الحضور) يعيشون على الآمال (بأصحاب السعادة). في المليار الذي يقرؤونه (رعداً) ولكن بلا مطر، وفي المشروع الذي يعلن ولا يبدأ وفي الحفلة التي تصطف فيها عشرات الكلمات فلا نخرج على الواقع بجملة واحدة. أنا لا أدعي مطلقاً أنني اخترعت العنوان بعاليه. سرقته (بالفساد) من مسلسل درامي، وكل ما في الأمر أنني أول من كتبه عنواناً بهذه الطريقة.