سطر شاب من محافظة رجال ألمع بمنطقة عسير صورة فريدة في الوفاء لأحد أصدقائه، وشاءت الأقدار أن يدفع حياته ثمنا لذلك الوفاء.
وتبدأ القصة وفق مصادر مقربة من العائلة في تصريحهم إلى "الوطن"، بـ"إصابة الشاب ياسر بن يحيى جبران بمرض السرطان قبل عدة أعوام، وهو ما استدعى علاجه لفترة طويلة في المستشفيات التخصصية بالرياض، حيث يقيم صديقه الآخر البراء بن محمد كدوان، فلازمه في مرضه لآخر لحظة، قبل أن يعود إلى محافظة رجال ألمع بعد وصوله لمرحلة متأخرة من المرض الذي أقعده في منزله منذ نحو شهر حتى وافته المنية مساء الخميس الماضي.
وتضيف المصادر: لم يهدأ بال صديقه البراء الذي كان يريد أن يودع صديقه ياسر الوداع الأخير، وفي ظل صعوبة وجود حجوزات طيران خلال الإجازة الأسبوعية من الرياض إلى أبها، قرر أن يسافر بالسيارة، وخاصة أن الدفن سيكون عقب صلاة الجمعة، فكان له ما أراد وحضر الصلاة والدفن وأدى واجب العزاء، وبعد أن أمضى بعض الوقت مع والده ووالدته وشقيقاته في أبها قرر السفر صباح السبت، وما أن قطع نحو 200 كيلو متر من عسير نحو الرياض حتى فقد السيطرة على السيارة التي انحرفت به عن الطريق لتنقلب عدة مرات، ويسلم البراء روحه إلى بارئها في حينه. لكن أنفاسه الأخيرة كما يصفها أحد المقربين منه كانت "أنفاسا معطرة بالوفاء"، لافتا إلى أنه من الجميل أن تجد مثل هذا الوفاء في أجيال اليوم، التي يحملها المجتمع فوق ما تحتمل.
"الوطن" كانت حاضرة مجلس العزاء في أبها أمس، والتقت والده الشيخ محمد بن يحيى كدوان، الذي كان صابرا محتسبا، لا يطلب من المعزين إلا الدعاء لنجله الذي فقده. يذكر أن الشيخ محمد كدوان أحد أبرز طلبة العلم الشرعي في محافظة رجال ألمع ومنطقة عسير.