التنوع المعرفي وكثرة التخصصات العلمية الذي تتميز به جامعة الملك سعود فضلا عن أسبقيتها التاريخية التي مكنتها من استقطاب الطلاب من جميع أنحاء الوطن ليعودوا بعد تخرجهم مساهمين في دفع عملية التنمية في جميع مناطق المملكة العربية السعودية، يجعل جامعة الملك سعود تستحق لقب جامعة الوطن الأولى.
يحق لجامعة الوطن التي سارت خلال ستين عاما من عمرها وهي منبر للعلم والمعرفة وأسهمت في مسيرة الرقي والتقدم للمجتمع السعودي، أن تتباهي بتنوعها وكثرة تخصصاتها في جميع المجالات حتى يخيل للزائر لهذه الجامعة أنه في ثلاث جامعات وليس جامعة واحدة.
فجناح الجامعة الغربي من الحرم الجامعي يضم الكليات الإنسانية وفي مقدمتها كلية الآداب العملاقة التي تخرج منها العشرات من الوزراء والعلماء والمفكرين الذين لهم دور في مسيرة التنمية، وأسهمت بشكل ملموس في الحركة الثقافية في المملكة العربية السعودية، ويقع بجوارها العديد من الكليات الإنسانية الأخرى التي حملت لواء العلم والمعرفة والتربية والتعليم وأسهمت في البحث العلمي في القضايا الاجتماعية والإنسانية وتضم العديد من الإقسام العلمية التي تغطي معظم المجالات الإنسانية وبإمكانها أن تصبح جامعة مستقلة للعلوم الإنسانية.
الجناح الشمالي في الجامعة يضم الكليات العلمية وفي مقدمتها كلية العلوم وهي أقدم كلية علمية في شبه الجزيرة العربية، إضافة الى كليات الهندسة والحاسب والعمارة وإدارة الأعمال، وغيرها من الكليات ذات الطابع العلمي والتطبيقي التي زودت الوطن بآلاف من المهندسين والمتخصصين في مجالات العلوم الطبيعية والهندسية والحاسب وإدارة الأعمال والعمارة والتخطيط والزراعة والذين أسهموا في دفع حركة التنمية في جميع أنحاء الوطن، وتعد هذه الكليات بمثابة جامعة متخصصة في المجالات العلمية.
وتكتمل فرحة المنتمي لهذه الجامعة عندما يتجه جنوب الحرم الجامعي فيجد جامعة متكاملة للعلوم الصحية، وفي مقدمتها أول كلية للطب في المملكة، وكلية أخرى متخصصة في طب الأسنان وكلية للصيدلة تخرج منها آلاف الأطباء والصيادلة والمتخصصين في العلوم الصحية. ولا يستطيع المنتمي لهذه الجامعة أن يخفي غبطته وسروره بمنظر المدينة الطبية ومستشفى الملك خالد الجامعي الذي يضم جميع التخصصات الطبية ويضاهي أفضل مستشفيات المملكة، ومستشفى آخر متخصص في طب الأسنان ومستشفى ثالث يقع في قلب مدينة الرياض وتقدم هذه المستشفيات خدمات العلاج المجاني لمئات الآلاف من المراجعين وكأنها وزارة للصحة وليست جامعة.
سارت جامعة الوطن منبرا للمعرفة على مدى ستين عاما تفتخر بجميع أساتذتها وأقسامها وخريجيها وأوجدت أقساما نسائية لا تختلف عن الأقسام الرجالية في جميع التخصصات لتسهم في تزويد الوطن بالعناصر النسائية التي تتطلبها مسيرة التنمية.
المكانة العلمية التي تتمتع بها جامعة الوطن فرضت عليها عدم التنازل عن معاييرها الأكاديمية التي تأسست عليها ومنعتها من الاندفاع خلف مغامرات الانتساب والتعليم عن بعد والتعليم المطور ولم تكترث بهذه الأنواع من التعليم التي انشغلت به جامعات أخرى.
يأخذون على جامعة الوطن أنها لم تتوسع كثيرا في الدراسات العليا وخصوصا برامج الدكتوراه، ولم تتنازل عن معاييرها الصارمة وهذا يعد ميزة ومفخرة للجامعة وليس عيبا، ويأتي إيمانا من الجامعة بأن منح دكتوراه الفلسفة في أي تخصص أمر يحتاج إلى معايير دقيقة توقفت عندها الجامعة كثيرا في الوقت الذي نجد فيه جامعات أخرى لا تمتلك جزءا من المصادر العلمية والأكاديمية والبشرية التي تمتلكها جامعة الملك سعود، ومع ذلك، نجدها لا تتردد في قبول آلاف الطلاب للدراسات العليا في الكثير من التخصصات.