لا أعرف الجذر الشعبي لمفردة "طحاطيح".. اعتاد الناس إطلاقها على الرجال ذوي العيار الثقيل، الذين يمتلكون ثروات طائلة، وعقارات لا تغيب عنها الشمس..

مفردة "طحاطيح" أوردها الساخر العزيز "مشعل السديري" في عكاظ.. مشعل "شيخ طريقة" - كما يقال في الصوفية - وأنا أحد عشاقها ومريديها، لولا أنها طريقته في السخرية التي نقلته هو الآخر إلى خانة "طحاطيح الكتاب العرب الساخرين"!

مفردة طحاطيح جاءت في سياق حديثه عن (16) قصرا فخماً هجرها خليجيون منذ ثلاثة عقود شمال لندن، وتقدر قيمتها بمئات الملايين من الجنيهات، وتركوا كل ما في داخلها من النباتات والأثاث ليتعفن، وبعضها لا يسكنها إلا الخدم!

وليت الأمر اقتصر على ما وصفه "الطحطوح مشعل السديري"، وهو - أعني الأمر - نتاج الطفرة الأولى ولا شك.. الأمر ينسحب على شوارعنا نحن، وأحيائنا نحن.. أجد في كثير من الأحياء الراقية فللاً راقية جداً، وقصورا شبه مهجورة.. هجرانها ليس قريباً.. بعضها من منظر الأبواب يمتد لسنوات، لو كان الأمر صيفاً، لقلنا إن سكانها "الطحاطيح" هربوا نحو "لوس أنجلوس وكان وجنيف"، الملاحظة طيلة فصول السنة، في أكثر من شارع، أكثر من حي سكني، أكثر من مدينة، هذه الفلل والقصور حلم بعيد المنال عن كثير من الناس، مؤكدا أن أهلها لا يفهمون ذلك.

في أوروبا - لندن تحديداً - ربما يكون الدافع الاقتصادي مبررا قويا لهجر تلك المنازل، العقار كنز ثمين في مدن مساحتها محدودة، لكن في بلادنا الأمر "طحطحة" دون فائدة، ما المبرر لوجود قصر أو فيلا مهجورة زمناً طويلا؟، ثم مع مرور الوقت، تفقد قيمتها الاقتصادية والاجتماعية، أين مالكها الأصلي؟ - أو حتى الورثة المتنازعين - على الأقل يبحثون عن طريق الجمعية الخيرية عن عائلات فقيرة تسكن هذه الفلل والقصور وترعى شؤونها لهم؛ بدلاً من هذه العمالة.. "أجر وغنيمة"!