لو فتّشَتْ مصر عن مرآة لترى صورتها، لما وجدت أفضل من كاميرا محمد خان!
منح مصر جنسها وأخيراً منحته جنسيتها!.
وفي الأسبوعين الأخيرين ظهر محمد خان على جميع القنوات المصرية تقريباً، يتلقى أسئلة باهتة غالباً، ومكررة دائماً، ومباركات ساذجة، يحكّ الشيخ السبعيني لحيته خجلاً من التهافت ويقدم إجابات هادئة لكنها أبداً ليست كسولة، وقبل كل إجابة يأخذ نفساً "طويل التيلة" ويندف حزنه قطناً!
أرهقته السنين، لم يتبق له من الشباب غير جسارة الحلم وعينين يا لشغب بريقهما!.
قدّم روائع لا تُنسى، ولفرط تواضع الفنان فيه كان يتحدث عنها وكأنه نسيها أو يريد، أو على الأقل هي لا تكاد تُذَكره بمجد من أي نوع!
سينما خان التي سأحاول اختصارها وسأفشل هي مصر: "الدروب والنساء ودفق الحنين وضحكات الجوّالين وبائعي الخضار على الأرصفة، والأرصفة!، وزوجة رجل مهم وأحلام هند وكاميليا"!
ظن الجميع أنه انسحب من المشهد، فسينما يسيطر عليها "السبكي والعدل" لا تسمح بغير تلويحة وداع، لكنه فاجأ الجميع، لم يتنازل عن أُفق أو أداة، وبقي أهم مخرج عربي يكشف عن المرأة ويدافع عن طيبة مصر من خلالها، قدم "بنات وسط البلد"، بعدها ضغط على أزرار هاتف، كانت غادة عادل على الطرف الآخر وسمعت: "إن كنتِ عايزة تمثّلي بجد تعالي"!، "في شقة مصر الجديدة"!، تحفة من الشجن.
لكن لماذا يُتعب خان نفسه بقبوله لكل هذه الاستضافات التلفزيونية؟!، في حواره مع أشرف عبدالباقي يبطل العجب: "ما عنديش فلوس على شان أعمل دعاية لفيلمي الجديد فتاة المصنع، علي شان كدا بتنطط كل يوم في برنامج"!
"هَرِمَ المُغنّي فاسمعوه"، شكراً السيّاب، خاتمة مناسبة!