لم يكن يتصور المعلم سالم المصموم من منطقة الرياض والمعين حديثاً بالجوف أن يشاهد محطة قطار في وسط نفود المنطقة، إلا أنه عندما اتجه براً نحو الشمال قاصداً الجوف مروراً بالقصيم ثم حائل، أطل عليه معلم تنموي وحضاري وهو محطة قطار الجوف (10 كلم جنوب غرب محافظة دومة الجندل) التي أوشكت على الانتهاء.
الزائر لمنطقة الجوف يصف محطة القطار بأنها معلم حضاري ضخم بدأت الحياة تدب فيه، إذ تبدو معدات المشروع الذي قطع الصحراء وتغلب على ظروف التضاريس.
وأوضح المتخصص في مشاريع السكك الحديدية المهندس جمال برهان أنه تم تخصيص 6 محطات للركاب في مشروع قطار الشمال موزعة على طول المسار، تشمل مطار الملك خالد والمجمعة والقصيم وحائل والجوف والحديثة، فيما تم توقيع 3 عقود تشمل عقد نظم الاتصالات وإشارات التحكم وعقد توريد القاطرات وعقد توريد العربات "المقطورات".
وبين أن تحالفاً ضم عدة شركات عالمية ومحلية نفذ عقد الإشارات والتحكم، فيما نفذت إحدى الشركات تصميم وتصنيع قاطرات نقل عربات الفوسفات وتوريد 25 قاطرة بقوة 4300 حصان، تستخدم لقطارات معدن الفوسفات، التي يبلغ طولها 3 كلم بمعدل 160 عربة لكل قطار وحمولتها 16 ألف طن للقطار الواحد.
ويهدف مشروع قطار الشمال إلى نقل المعادن من منجم حزم الجلاميد ومنجم الزبيرة إلى معامل التكرير في رأس الزور شمال مدينة الجبيل، ويحتوي المشروع على 9 محطات لخدمات الشحن، موزعة على طول المسار، تشمل محطة الرياض وسدير والقصيم وحائل والجوف والبسيطاء ورأس الزور والجبيل والحديثة، فيما يبلغ طول خط سكة الحديد شمال جنوب 2400 كلم. وسيتم نقل خامات الفوسفات والبوكسايت من شمال ووسط المملكة إلى منشآت المعالجة والتعدين برأس الزور على الخليج العربي، كما سيقدم المشروع خدمات نقل المسافرين والبضائع العامة بين عدد من المدن التي تعتمد الآن على شبكة الطرق الإسفلتية.
وسيربط هذا الخط الحديدي العاصمة الرياض بمركز الحديثة على الحدود الأردنية مروراً بكل من القصيم وحائل والجوف الأمر الذي سيساهم مستقبلاً في نمو حركة التجارة الدولية ويعزز التطوير والنمو الاقتصادي.
ولم يغفل القائمون على المشروع عن تأمين سبل السلامة، إذ تم تسوير الخط وبناء أكثر من 200 جسر لمرور السيارات ومعابر الجمال، إضافة إلى تشييد أكثر من 2000 عبارة لتصريف مياه الأمطار ولمرور السيارات الصغيرة والماشية، فضلاً عن إزاحة 500 مليون متر مكعب من الرمال والصخور، وتصنيع أكثر من 4 ملايين و600 ألف عارضة إسمنتية، إضافة إلى أكثر من 4 ملايين متر مكعب من البحص، و300 ألف طن من القضبان الحديدية.