يحسب للاتحادات الأهلية لكرة القدم في العشرية الأخيرة رغبتها الجادة في إظهار منافساتها الكروية بأجمل صورة لتأخذ مكانها في قوائم التصنيف التي باتت سمة مميزة وحافزاً مشجعاً.

وتتسابق الجهات المنظمة للدوري – وهو عادة المنافسة الأكثر قوة وأطول جولات تنافسية في جميع دول العالم – على معالجات دورية منتظمة للوصول بهذا الدوري أو ذاك إلى رتبة متميزة بين الـ200 التي تخضع للتدقيق والمتابعة من قبل أكثر من جهة دولية.

وهناك جزئية مهمة لافتة تمنح النقاط الأكثر وتتعلق بمسألة المتعة والحيوية التي تتصف بها منافسة الدوري, وقد حافظ الدوري الإسباني في المواسم الأربعة الماضية على وصفه بالدوري الأمتع في العالم, فيما ذهب الدوري الإنجليزي بوصف الدوري الأقوى في جولاته والأعنف في مبارياته إلى آخر مراحله, فيما حاز الدوري الألماني على وصف الدوري الأجمل حضوراً جماهيرياً, إلى أن نجد الدوري الفرنسي الأفضل في اكتشاف المواهب وتزاحمهم في فرق دوري الدرجة الأولى, فضلا عن مسألة النقل التلفزيوني كأعلى قيمة في العالم.

نعود للإمتاع الذي يجلبه الدوري الإسباني لمتابعيه, فهذا الدوري منذ قدم مواهب فذة بحجم زين الدين زيدان وروماريو ورونالدو ورونالدينهو وروبينهو ولينكر ولويس فيجو وستويشكوف وغيرهم من النجوم التي تحسن صناعة المتعة والإبهار بأدائها ومهاراتها الخاصة والاستثنائية دوماً, هذا التتابع الجميل بقدوم النجوم المتميزين إلى الفرق الإسبانية وعلى رأسها برشلونة وريال مدريد, انعكس على كل شيء في هذا الدوري إن كان على مستوى التنظيمات التي تتطور من عام إلى آخر, وإن كان على مستوى أداء الفرق وتألقها في المنافسات المحلية ومن ثم المنافسات الأوروربية والعالمية, هذه التراتبية في التصاعد في مستوى الأداء والمحصلة خلق بيئة متميزة في منافسات كرة القدم بالدوري الإسباني, وأصبح عاماً بعد عام يستأثر باهتمام ومتابعة جمهور الكرة العالمية في كافة أصقاع الأرض, مما جعل هذا الدوري الأمتع عالمياً هو بروز جيل كروي إسباني غير عادي صنع لبلده مكانة متقدمة بل استطاع هذا الجيل أن يحوز بطولة أمم أوروبا عام 2008، وأضاف أخيراً كأس العالم لأول مرة, فهذا الجيل بقيادة المايسترو تشابي والهدافين توريس وفيا والماهرين إنييستا وبيكيه والأقوياء مثل بويول وكازياس وراموس, هؤلاء في نظر أي منصف ومحلل موضوعي يضعهم الأفضل عالمياً في مراكزهم, ولم تكتف هذه النخبة من نجوم جيل الكرة الإٍسبانية المثير بحصيلة المنتخبات بل سبقته تأكيدات وإنجازات على صعيد الأندية, فشاهدنا الموسم الماضي الإعجاز الذي حققه فريق برشلونة بحصوله على سبع بطولات في عشرة أشهر, وهو أمر أقرب للمستحيل أن يتحقق لفريق عدا برشلونة الذي حققه بفضل مواهب لاعبيه الفذة التي وصفها يوما فرانز بيكنباور بأن فريق برشلونة الموسم الماضي (فريق من كوكب آخر).

ومما ساهم في حيازة الدوري الإٍسباني على خاصية الإمتاع دونا عن غيره هو ذلك الكم الوافر من المواهب الكروية سواء من الإسبان الصاعدين أو من لاعبين من القارة اللاتينية و الإفريقية, فانصهرت هذه المواهب الفذة في قالب الدوري المنظم بدقة وأصبحت تعطي كل ما لديها على أرض الميدان فتمتع المشاهدين والمتابعين من كل مكان, وهي بدورها تصنع لنفسها مكانة فردية في خريطة نجوم الكرة العالمية, كما فعل آندريس إنييستا مثلا في مشواره الكروي المتميز والذي يرشحه الأكثرية للحصول على الكرة الذهبية من الفيفا والمجلة الفرنسية بعد اندماجهما في جائزة واحدة.

متى ستصبح دورياتنا العربية بمستوى امتاع الدوري الإسباني ووفرة نجومه ومواهبه؟.