الإرهاب هو أكبر التحديات التي تواجه العالم العربي؛ والقمة العربية اهتمت بهذا الخطر الداهم؛ والجماعات التي توجه الإرهاب هي مرتبطة بالدول العربية، وبعض هذه الدول تستخدم هذه الجماعات في أغراض سياسة، مما يسبب "الرهاب" في قلب العروبة وفي قلب العربي البسيط؛ ليس خوفا على نفسه بقدر ما يكون خوفا على وطنه وعروبته وهويته، ومواطنته. والرهاب هو تسارع دقات القلب واضطراب خفقانه!.
وقد ذكر نائب رئيس الوزراء الكويتي في مؤتمر صحفي بعد القمة العربية؛ أن هذه القمة تتخذ القرارات بتوافق الآراء وتواصل الحرب مع الإرهاب، وقد أعلن خادم الحرمين الشريفين الحرب على الإرهاب، وصرح بذلك مرارا متكررة؛ لأنه يدرك أبعاده ومصادره.
والإرهاب لم يكن خطرا محليا بأي حال من الأحوال، بقدر ما يكون خطرا إقليميا ودوليا، يجعل من هذا الأخطبوط العالمي تدخلا سافرا في شؤون الدول الداخلية، وله أذرعه التي تساند خفاياه، ومنظمات تدعي أنها حقوقية إلا أنها هي أكبر داعم لهذا الأخطبوط ذو الأذرع السامة التي تلدغ كل بلد على حدة، ليتسرب السم في الجسد العربي كله! والعالم بأكمله لا يدرك أن هذه السموم ستتسرب إلى الجسد العالمي بلا شك.
والقمة العربية التي عقدت في الكويت هذه الأيام لم تكن ببعيدة عن مناقشة واتخاذ القرارات بهذا الشأن، إلا أنه لم يكن محورها الرئيس الذي هو أساس جميع المشكلات في كل الوطن العربي، فتفعيل هذا القرار ما زال معلقا والمفترض أن يكون في أسرع وقت ممكن، ولا سيما أن الجهود العربية إذا ما تضافرت ستجد حلا سريعا لوقف نزيف الدماء العربية. لماذا لا تقام هيئة كبرى عربية تلاحق الإرهاب وتستأصل جذوره، فهي ستنهيه إن تضافرت جميعها بالخبرات والمال ولذاب في بوتقة العدل واليقظة.
الولايات المتحدة إبان الحادي عشر من سبتمبر وسقوط برجيها آنذاك أعلنت الحرب على الإرهاب، ولكنها لم تتأخر يوما واحد بعد هذا الإعلان، إذ "أقامت الدنيا ولم تقعدها"، وتدمرت دول وقُتلت شعوب وامتلأ "جوانتاناموا" بالعرب وجميع الجنسيات، وصالت النيران ولم تنطفئ في العالم كله حتى يومنا هذا؛ بسبب برجين في "مانهاتن" ولا نقلل من شأن ذلك، إلا أنها القوة والصحوة والعزم والمتابعة.
وهذا عالمنا العربي، وهذه دول تحترق وليس برجين فقط، وهذه دماء تسيل بطول أنهار بلادها في سابقة لم تحدث إلا في حروب المغول والصليبيين.
كيف ينام مسلم عربي في سربه آمنا وأخوه يُقتل ؛ دماؤه هي التي تسيل دون أن يعلم في غفلة منه وجهل كامل، لأنه لا يعلم نسبه وأهله وأبناء عمومته.
فحينما ألفت "موسوعة الجزيرة العربية"، وكنت أتتبع الشخصية وتطورها، أهالني ذلك الدم المتسرب في العروق العربية، بأنه كله يعود في فصيلة واحدة، فهؤلاء قبائل خرجت من الجزيرة العربية، وهم أبناء عمومة إلى أرجاء الوطن، وقد حققت ذلك من خلال تتبع أنسابهم وتفرعاتهم وتناسبهم. فهل سأل العربي نفسه، عندما يرى دم عربي آخر في مصر أو سورية أو اليمن أو ليبيا أو العراق أو تونس أو الأردن أو أي بلد عربي، هل سأل نفسه ما القرابة بيني وبينه؟
لأنه حتما ودون شك ذو صلة رحم وأخ وابن عم!
ما هذا التيه والذاتية المفرطة في الشخصية العربية، التي جاءت دخيلة على بنيتها الأساسية، وما هذه الدهشة والإعجاب والتبعية والتقليد الأعمى لعوالم لا تشكل أساسا في البنية المجتمعية على تكويننا ومعالم شخصيتنا. إن التضامن العربي يحقق الاستقرار والنهوض الاقتصادي ويحقق الأمن العربي، والأمن هو سياج كل القضايا، فهل تخرج القمة لحل يوقف "الرهاب" العربي؟
فمساحة الاتفاق أكبر بكثير من مساحة الاختلاف، كما يقول النائب الأول ووزير الخارجية الكويتية في مؤتمر صحفي عن القمة العربية ونتائجها وإنا لمنتظرون.
ويسأل أحد الصحفيين في مؤتمر صحفي: لماذا التحدث عن النظام السوري، ولم يتم التحدث عن الجماعات المسلحة؟ ولماذا خلا البيان من الجماعات المسلحة؟ تساؤل مهم من الصحفيين والإعلاميين؛ لأنهم يدركون كما تدرك جميع الشعوب العربية، أن الأمن هو السياج الأكبر لاستقرار شعوبهم. إلا أن نبيل العربي يقول: إن هناك اتفاقية عربية خاصة للإرهاب.
أليس من حق الشعوب أن ترى هذا الأمن يسير على قدميه في طرقاتهم؟، أليس من حق المواطن أن ينام قريرا في سربه؟.
هذا هو المُلك الذي يتطلع إليه العربي فقط الأمن ولقمة العيش. قال صلى الله عليه وسلم "من بات آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها". هذه الأشياء الثلاثة هي أملاك المواطن البسيط "لقمة العيش والأمن والدواء"، وهي أهم أملاكه التي أعطاها إياه دينه الإسلامي في وصية رسوله الكريم. إلا أننا نجده في كل أصقاع الوطن العربي ينخره العوز والمرض والخوف!.
إن الجهل والعوز دعامتان للإرهاب، فإن أرادت الدول استقرارا لشعوبها فعليها القضاء على هاتين العاهتين المدمرتين، إذ نرى أن المال هو اللاعب الأول في زلزلة هذا الكيان الكبير "وطننا العربي".
أخيرا نحن واثقون في وطننا وقي قادتنا، كما يقول جابر القرموطي في برنامجه "مانشيت" يوم الأربعاء: إن المملكة العربية السعودية تلعب دورا قياديا ثقيلا ورائعا لم نره من قبل في المنطقة.