في الشهر الماضي، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا فاضحا حول جرائم الحرب الإسرائيلية المتواصلة ضد السكان المدنيين في الضفة الغربية المحتلة. عنوان التقرير يعطي انطباعا جيدا عن محتوى التقرير الذي بلغ 70 صفحة: "سعداء بالضغط على الزناد –استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في الضفة الغربية"، يظهر التقرير تصاعدا في نوعية وكثافة أعمال العنف الموجهة ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
عقب نشر التقرير، قامت القوات الإسرائيلية بحملة قتل هائجة، وقتلت في إحدى المرات ستة فلسطينيين بدم بارد خلال 24 ساعة، بين الفلسطينيين الذين قُتلوا ذلك اليوم كان رائد علاء الدين زعيتر، وهو قاض أردني أطلق عليه الجنود الإسرائيليون النار على معبر جسر اللنبي. القاضي كان في طريقه إلى بلدته نابلس لزيارة ابنه البالغ من العمر خمس سنوات، والذي كان في حالة خطيرة في مستشفى محلي، في البداية، قالت الحكومة الإسرائيلية إن زعيتر كان إرهابيا وإنه هاجم جنديا إسرائيليا كان يحرس المعبر، لكن شهود العيان كانت روايتهم مختلفة، حيث إنهم قالوا إن الجنود الإسرائيليين ألقوا به على الأرض، وعندما حاول النهوض أطلقوا عليه النار من مسافة قريبة، عندما عرف المسؤولون الإسرائيليون هوية القاضي زعيتر، بعد ساعات من قتله، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتذارا شخصيا للملك الأردني عبدالله الثاني، وأعلن عن أنه سيكون هناك تحقيق إسرائيلي- أردني مشترك في مقتل القاضي.
الفلسطينيون الآخرون الذين قُتلوا خلال ذلك اليوم ألصقت بهم السلطات الإسرائيلية تهمة الإرهاب. حملة القتل الإسرائيلية المجنونة، التي ربما كان سببها نشر تقرير منظمة العفو الدولية، شهدت المزيد من التصعيد، ردا على عمليات القتل، أطلقت منظمة الجهاد الإسلامي صواريخ على الأراضي الإسلامية المتاخمة، لم يُصب ولا إسرائيلي واحد في الضربات الاحتجاجية الرمزية، ومع ذلك ردت الطائرات الإسرائيلية بـ29 غارة جوية على مواقع في قطاع غزة.
بعد عمليات القصف، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ما يلي على تويتر: "إذا لم يكن هناك هدوء في الجنوب، سيكون هناك ضجة في غزة، وهذا أقل ما يقال".
في 12 مارس، بعد الضربات الانتقامية الإسرائيلية مباشرة، أصدرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي بيانا رسميا جاء فيه "الولايات المتحدة تدين بأشد العبارات الهجمات الصاروخية التي قام بها إرهابيون ضد إسرائيل اليوم من قطاع غزة.. ليس هناك مبرر لمثل هذه الهجمات، ندعو إلى توقف هذه الهجمات الإرهابية فورا، إسرائيل مثل أي بلد آخر، لها الحق في الدفاع عن نفسها".
لم يأت في البيان ولا كلمة واحدة عن حملة القتل التي قامت بها القوات الإسرائيلية أو حتى جريمة القتل بدم بارد للقاضي الأردني.
في الواقع، قال المدون آدم وولف إنه خلال قيام إسرائيل بحملة قتل لمدة 24 ساعة، كان الجيشان الإسرائيلي والأميركي يقومان بتدريبات مشتركة، متجاهلين دعوات منظمة العفو الدولية بوقف التعاون العسكري مع إسرائيل.
تقرير منظمة العفو الدولية يقدم صورة فظيعة لاستخدام الجيش الإسرائيلي العنف المفرط بشكل متزايد في المناطق المحتلة، المقدمة تشرح أن "هذا التقرير يركز على استخدام القوة بشكل مفرط من قبل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ بداية عام 2011. وفي هذا الإطار، يقدم التقرير حالات من القتل والإصابة ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في إطار الاحتجاجات في الضفة الغربية ضد استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والمستعمرات الإسرائيلية غير الشرعية، والجدار الفاصل، بالإضافة إلى معاملة إسرائيل للسجناء والمعتقلين الفلسطينيين وأحداث العنف التي يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين. سياسة إسرائيل بتوطين مواطنيها المدنيين في أراض محتلة تنتهك معاهدة جنيف الرابعة وتعد جريمة حرب بحسب قانون محكمة الجنايات الدولية. محكمة العدل الدولية توصلت إلى نتيجة بأن "بناء الجدار داخل الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك داخل وحول القدس الشرقية، ينتهك حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني".
وفي نهاية التقرير، يورد التقرير قائمة من المطالب من السلطات الإسرائيلية ومن الولايات المتحدة الأميركية والدول الأخرى الحليفة لإسرائيل، والتي تزودها بشكل منتظم بأسلحة لمكافحة التمرد والتي تسيء إسرائيل استخدامها بشكل دائم.
إحدى التوصيات البارزة في التقرير موجهة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهي تطالب هذه الدول بالتوقف عن إرسال الذخائر والأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل، بما في ذلك أسلحة مكافحة الشغب والتدريب، إلى أن تقوم إسرائيل بخطوات حقيقية لتحمل المسؤولية عن الانتهاكات السابقة، وتضع آليات فعالة لضمان أن هذه المواد لن تستخدم لارتكاب أو تسهيل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الدولية أو القانون الإنساني الدولي، ويؤكد التقرير أن هذه التوصية لها علاقة خاصة بالولايات المتحدة لأنها أكبر مصدر عسكري للأسلحة والذخيرة ومعدات الشرطة والمساعدات العسكرية لإسرائيل.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه أجهزة الإعلام الأميركية والإسرائيلية بإسهاب حول صراع شخصيات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصلت المساعدات العسكرية الأمريكية وتسليم المعدات والأسلحة إلى إسرائيل مستويات غير مسبوقة في ظل الإدارة الأميركية الحالية.