أتساءل ما النفع العائد على أهالي جدة بمختلف أطيافهم من انتخاب نصف أعضاء المجالس البلدية إذا لم يتفاعل المجلس معهم؟! وإذا كان مجرد رؤية أعضائه والاجتماع بهم حلما صعب التحقيق على الرجال؛ وعصيا على المرأة رغم أنها نصف الممثلين عددا كما يشتكي الأهالي؟! ما الفائدة من هذه المجالس إذا ما تحولت إلى جهة حكومية أخرى تنصب حولها حوائط العزل، وسدود البيروقراطية والروتين الحاجبة لصوت المواطنين ومعاناتهم رغم أنها الممثل الرسمي لهم، ونائبهم في المشاركة بصناعة القرار؟! وألا يفترض أن يكون المجلس صوت المواطنين أجمعهم ـ رجالا ونساء وأطفالا وأصحاء ومعاقين وسعوديين ومقيمين ـ؛ المتحدث بلسانهم والمعبر عن قضاياهم ومصالحهم؟!

ففيما يحث نظام المجالس البلدية على الاجتماع بالأهالي ثلاث مرات سنويا؛ يضع مجلس جدة في أذنيه وقرا منذ حوالي السنة ضاربا عرض الحائط بمطالبات الأهالي بالاجتماعات المفتوحة المعهودة! حتى بعد كارثة سيول جدة المشهودة، وما فرضته من قضايا ملحة حرية بالنقاش وتكثيف الاجتماعات! وكان المجلس قد اعتاد ـ تطوعا منه ـ على الاجتماع بالأهالي مرة كل شهر، ولكن انقطعت الاجتماعات فجأة قبل انتهاء رئاسة الدكتور طارق فدعق، واستمر الانقطاع في زمن الرئاسة الحالية للأستاذ حسين با عقيل! لتبقى المطالبات حبيسة أصوات أصحابها وليستمر المجلس في إغلاق أبوابه دون ما يشغل أهالي جدة ويؤرقهم، رغم ما فرضته ملابسات وتداعيات ما بعد كارثة السيول على المجتمع المدني الجداوي من إشكالات!

تعج مدينة جدة بالقضايا الملحة التي يتعين على المجلس البلدي فتح أبوابه ليناقشها مع الأهالي ويأتي على رأسها؛ الإسراع في صرف تعويضات المتضررين من السيول، وإلى أين وصلت محاسبة المتسببين كائنا من كانوا؛ كما صدع بها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله؟ وإصلاح البنية التحتية لمدينة جدة وحل مشاكل تصريف مياه الأمطار كي لا تتكرر الكارثة مرة أخرى. فضلا على إنقاذ شاطئ جدة من التلوث حيث تُلقى مخلفات المئات من أنابيب المجاري، والمخلفات الصناعية وغيرها في البحر، مع وجود شكوك بتسرب مياه مجارٍ من بحيرة الصرف الصحي إلى البحر. والاهتمام بإنقاذ جدة التاريخية بما تمثله من تراث حضاري وإنساني يستحق تعهده وحمايته من التلوث والحرائق. زيادة على إنقاذ مدينة جدة من حوادث السيارات التي تحصد آلاف الأرواح وتسبب الإعاقة لالآف غيرهم؛ وضرورة إصلاح ومراقبة مدارس قيادة السيارات كونها أحد أهم أسباب الحوادث، وإصلاحها يشكل أقصر الطرق للحد من الحوادث. والمسارعة في إنشاء شبكة مواصلات كبرى، فهي لزوم ما يلزم في مدينة كبيرة ومزدحمة كثيرا ما تغلق طرقاتها بسبب التكدس المروري.

العجيب أن يرفض المجلس مجرد ملاقاة النساء رغم أنهن وعدن بالمشاركة في الانتخابات القادمة!، بينما التقى كل من سمو أمير المنطقة وسمو المحافظ وأمين جدة السابق بالرجال والنساء. والأعجب أن أحد أعضاء المجلس البلدي الرافضين (للاختلاط)، هو أيضا عضو منتخب في مجلس إدارة الغرفة التجارية "المختلط"!

ليس من حق المجلس رفض مقابلة الأهالي، فهو جهة مشاركة وإهمال ملاقاتهم والاستماع لاقتراحاتهم حقيق بأن يكون الدافع الأكبر لعدم إعادة انتخاب أعضائه الحاليين.