كنت أتجول برفقة أحد الأصدقاء، فأشار إلى أحد المنازل وقال: " وش رأيك"؟!

قلت:" ناوي تستأجره"؟! ـ قال :" لا.. أقصد من تتوقع يسكن هنا"؟! ـ قلت ـ وقد كان منزلا متواضعاً ـ "أتوقع هذا منزل أيتام"؟

قاطعني: "أنا وإنت الأيتام.. هذا بيت أغنى رجل في هالمدينة"!

جلست فترة وأنا غير مصدق.. ليس لأنّه يسكن في بيت متواضع.. فهناك أثرياء يحبّون البساطة.. لكنني غير مصدق أنه من الأثرياء أصلاً ! فأنا لم أسمع في حياتي أنه قد تبرع لأحد في هذه المدينة أو عالج أحداً أو كفل أيتاما أو دعم جمعية.

كثيرون هم الذين يمتلكون أرصدة متورّمة بالملايين دون أن يعلم عنهم أحد.. تعالوا معا لنتخيل: ماذا لو كشفت البنوك عن أسماء أصحاب الثروات؟ ماذا لو خصصت الصحف ملاحق بأسماء الأثرياء الذين لا يعلم عنهم أحد؟ ـ ما الذي سيحدث؟!

هل تتذكرون أسماء الناجحين في الثانوية العامة؟.. لو نشرت الصحف أسماء الأثرياء أكاد أحلف إن هؤلاء أكثر من أولئك!ـ سيفاجأ الناس بأعداد هائلة من الأثرياء.. ربما تفاجأ أن أحد أصدقائك من بينهم! هذه مصيبة.. المصيبة الكبرى أن أغلب الأثرياء تجاوزوا سنّ الستين.. ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول" أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين".. معنى هذا أنهم سيرحلون ويغادرون هذه الدنيا قريباً دون أن يستفيدوا من ثرواتهم، ودون أن يفيدوا غيرهم! ـ أحياناً أسأل ـ وأسأل صادقاً والله ـ ألا يزور هؤلاء القبور؟ ألا يفكرون ويتفكرون؟ أليس لهم عقول؟

الخلاصة:" قال حكيم زمانه/ يحيى بن معاذ: "مصيبتان للعبد في ماله عند موته لا يسمع الخلائق بمثلهما، قيل ما هما؟ قال: يؤخذ منه كلّه ويسأل عنه كلّه"!

ـ اللهم لا تردنا خائبين.