السيد أمين عقيل عطاس من أبرز الشخصيات المكية الجميلة، ومن العلامات الفارقة فيها، له سمات قلما تجتمع في فرد إلا إن كان على نفس نسقه، أو قريبا من ذلك.. يتميز بالمحافظة على الأنظمة واللوائح، ولا يمكن أن يتراجع عن تطبيقها، ولو كلفه ذلك ما كلفه.. يُضرب به المثل في الصراحة، والوضوح، ورباطة الجأش ـ قال لي مرة: عودت نفسي على عدم الحزن والغضب على ما يفوتني من أمور ـ تخرج السيد أمين من مدارس الفلاح العريقة، ثم أُبتعث إلى مصر لدراسة التجارة، وتخصص في المحاسبة، وبعد عودته عمل لفترة بسيطة في مؤسسة النقد، ثم انتقل بين أقسام مصلحة الزكاة والدخل (6) أعوام، ثم تولى إدارتها مدة (8) أعوام، وكانت له خلال فترة إدارته لها معارك مشهودة مع المتهربين من دفعها، وقد انتصر فيها كلها، وخسر حب المتهربين.. عمل وكيلا لوزارة الحج لشؤون الأوقاف لمدة (12) عاماً وكان له كذلك ما أراد.. ثم أعيرت خدماته لرابطة العالم الإسلامي كمشرف عام على الشؤون المالية والإدارية، وبعد (8) أعوام من الإعارة تمت ترقيته إلى مساعد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي للشؤون الإدارية والمالية، وبقي في هذا المنصب مدة (16) عاما، وكانت له فيها صولات وجولات داخل الرابطة، وخارجها مع المسلمين في بقاع المعمورة.. تفرغ السيد بعد الرابطة للأعمال الخيرية، وكان له الفضل الكبير في تأسيس أول جمعية خيرية في مكة المكرمة، وترشح ـ وما زال ـ لرئاسة مجلس إدارتها، وصنع منها مؤسسة رائدة في تقديم الخدمات الاجتماعية العينية والنقدية والصحية والتعليمية والإسكانية لمن هم بحاجة لها، كما انتخب رئيسا لمجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة في فترة من فتراتها، وهو نائب لرئيس مجلس نظار مدارس الفلاح العريقة، وبذل فيها ومازال جهدا يقدره المهتمون، وكان أن عمل في مهنة الطوافة، متشرفا بخدمة ضيوف الرحمن، واجتهد كثيرا لإصلاح أنظمة الطوافة، ولعلها من المرات القليلة التي لم يحالفه فيها النجاح كما كان يتمنى.

مواقفي الخاصة مع السيد أمين كثيرة ومتعددة، بعضها خاص، وبعضها عام، لكني لن أنسى له وقفته معي أيام عملي في القطاع الأهلي، وموقفه في لم شمل نظارة السادة في جدة، ومساندته الكبيرة لجمعية أصدقاء مرضى الزهايمر الخيرية بمكة ـ الشيخوخة حاليا ـ .. السيد أمين رجل سباق إلى عمل الخير، ويعرفه أبناء مكة رجلاً من رجالاتها العظام، وعلماً من أعلامها، ووجيها مقدما في صدارتها، له مجلس يومي شهير بين المغرب والعشاء يرتاده الأدباء والعلماء والأفاضل من مكة وخارجها؛ تُقضى فيه الحوائج، وتُحل فيه المشاكل، وتُتبادل فيها المعارف.. من أصدق ما سمعته عن السيد أمين قول فضيلة العالم الجليل الشيخ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء، في صالون إثنينية الأستاذ عبدالمقصود خوجة مساء 8/4/1434: "السيد أمين عطاس علامة بارزة في تاريخ مكة في الوقت الحاضر، وشخصية بارزة، لا أعتقد أن مثله أحد؛ فهو جمع بين شرفين: شرف النسب وشرف العلم".. السيد أمين يتعافى حاليا من آثار عارض طبي، لم يمنعه بفضل الله من استقبال مرتادي مجلسه.. خالص الدعوات بأن يمن الله عليه وعلى من نحب بالشفاء التام من الأمراض الظاهرة والباطنة، وأن يجزيه عما قدم خير الجزاء.