هناك معلومة تقول: (إن الضباع هي أشرس الكائنات بعد البشر)، تعجبت من عبارة (بعد البشر) ولكن زال عجبي عندما علمت أن شراسة الكائنات تقاس بفظاعة المعارك التي تقوم بين أفراد الجنس الواحد، وتساءلت كيف ستكون الحرب بين المفترسات في غابات أفريقيا لو أنها تتمتع بذكاء البشر؟ ماذا ستفعل الأسود للقضاء على المنافسين من بني جنسها أو من الأجناس الأخرى كالضباع مثلاً؟ لا شك أنها ستوظف كل ذكائها لتحقيق الانتصار وسحق الخصم بطرق غير معتادة، كقتل الإناث للقضاء على النسل، وترهيب الصغار بتعذيب أهاليهم أمامهم، والتجويع والتخويف وكل الأفعال التي يغذيها الحقد في أبشع صوره، كذلك سترد الضباع والنمور والكلاب البرية وكل الفرق المتناحرة في الغابة.

الذكاء سلاح ذو حدين، فبذكاء النوابغ من البشرية قفز العلم قفزات كان لها مردودها الإيجابي على حياة البشرية كلها، وفي المقابل يستخدم المجرمون أذكى الحيل لتنفيذ جرائمهم، قرأت منذ أيام خبر قناصة أوكل لهم النظام في سورية استهداف الحوامل من النساء دون غيرهن، تيقنت عند قراءة الخبر أن للذكاء وجها قبيحا إذا ما استخدم لإشباع الحقد، تطايرت في رأسي أسئلة كثيرة لن أجد إجابتها عند أحد، عرفت أن مشكلة سورية تشعبت وقد لا تنتهي بزوال هذا النظام، ولكن بزواله – وهو زائل لا محالة – سنكتشف حجم الكارثة التي في اعتقادي أننا لا نعلم منها سوى اليسير، وسنعرف من حقائق بشاعة الصراع ما يشيب من هوله الصغار، تيقنت أيضاً أن الوحوش التي تتقاتل بفطرتها من أجل البقاء ما هي سوى حملان لطيفة إذا ما قورنت بالمتصارعين من بني البشر، وتقاتلها يعد من اللهو البريء مقارنة بتقاتلنا نحن الأذكياء.