تناولت في مقالة الأمس الإعلام المشبوه، وأسلوب التعتيم على مراحل التنمية، التي تسابق الزمن، وأسوأ معلومة قد تقدم "وهي صحيحة" فتطرح بمبالغة وتضخيم للخبر السلبي الذي تفوح كراهية الوطن من بين سطوره، يعرف الخبر الذي يكره الوطن من المستوى المتدني للمهنية الملوثة وبدس السم بين سطوره.. يخفف من حدة اعتراضنا على مستوى الكراهية ضمن تدفق كمية أخبار يومية هدفها التكريه والتسخيط بدون حد أدنى من المهنية في الطرح، ووجود رأي وآخر مختلف أو مفسر للخبر.
الحرب إعلامية ورصاصتها الخبر القاتم، ومن المهنية وجود رأي آخر أو مجموعة آراء متباينة حيال قضية ما.. ويجب تقديم رأي المسؤول حتى يدان أو يتم إنصافه.. والمثال هنا أقدمه وفقا لما تدفق من معلومات خلال وقت قياسي لدي رسمت صورة مبهجة وطاغية بالأمل واستشعار نتائج وثمار مسيرة الملك عبدالله في سبيل الإصلاح والتنمية والارتقاء بالمجتمع.. طرح النموذج الجازاني بمقالة الأمس واليوم لمجرد أنه المثال الأقرب.
ميزانية جامعة جازان تفوق (851،1) مليارا وثمانمئة مليون ريال.. أزور المنطقة منذ عام 2009، وشاهدت أين تذهب عينة من الأموال تصرف للتعليم العالي فقط.. وعلى ضفاف مشروعات التعليم روافدها من مبان ومنشآت، والأهم بناء الإنسان بتخريج أكثر من 8 آلاف طالب وطالبة في "الترم" الأول فقط.. نهاية العام واعدة بجيل آخر من الخريجين.. الجامعة مجرد نموذج أنقل بمصداقية ما رأته عيناي ونقيس عليه في بقية مناطقنا.. زرت منها حائل ونجران والقصيم والشرقية والمدينة المنورة... وغيرها.
الخبر التالي وطني إيجابي "اكتشاف آثار بجبال القهر بجازان تعود لأكثر من4000 سنة، جازان تضم مواقع أثرية تمتد من العصر الحجري حتى العصور الإسلامية".. على ضفة أخرى يرد في الخبر الساخط (واخترت مقتطفات منه لضيق المساحة): "حجم المخاطر والمعاناة تعترض سكان قرى الشامية بمركز القهر "محافظة الريث"، وغياب للطرق المعبَّدة خطورة يواجهها أهالي الجبال، وظهرت معاناة المواطنين في إيصال معدة زراعية "حراثة" وإنزالها عبر مواقع جبلية خطرة وعرة ذات هاوية سحيقة.. حاجة أهالي المنطقة خرجت من رحم معاناة دائمة.. سكان القرى في عزلة تامة بسبب غياب مشروعات الطرق والخدمات الأساسية من "مياه وصحة واتصالات وخدمات".. الخ.
يفتقر الخبر التسخيطي لرد من أمانة المدينة أو بلدية المحافظة أو رأي خبير أو مواطن آخر، قدم السعودية على أن جبالها جرداء سكانها طارئون على التنمية.. بالطبع من المهم والمُلح شمول التنمية جميع القرى النائية.. والأهم أن يحترم الإعلام ذكاء الناس وقدرتهم على الاكتشاف، لو لم أزر جازان والمناطق وأشاهد بنفسي لخلقت هذه الصورة ـ نتيجة بشاعتها وسلبيتها ـ شعورا لدي بالقهر والسخط والإحباط!