في كل مرة تنحر فيها "داعش" رقبة، تسقط في الشام حمامة سلام، وتذبل في العراق وردة. ويغلق هُنا طالب كتابه وقد درس: "كُل من لا يؤمن بما يحمله في صدره يُدعى "كافرا"، وفي كل كبد رطبة أجر. وإن هُناك من يكب من الناس إلى الجحيم على وجهه بسبب قطة". وفي كل لحظة تسفك فيها "داعش" حمام دم، يخرج شيخ فيصرخ "إنهم لا يمثلوننا، ويتحدث عن أنهم مرقوا، وعن السهم والرمية. ويعلن عن حزنه على طائر السلام في الشام، وأسفه للوردة". وبين كل رقبة تمضي، وأخُرى تجيء، تشعر الأرض بالضجر، حين فاق حشو الجثث فيها، نثر البذور. وحين تطلُع عليها الشمس ولم يبعث بعد من يكمل العبارة: "إنهم لا يُمثلوننا، لأننا لا نعرف كيف نبدو". ونظل ندير ظهورنا، ونحاول أن ننسى صحون الطعام التي جمعتنا بهم، أوجه التشابه في السحنات الذي يمكن حتى في وسط الظلام إيجادها. وباب الولاء والبراء، وشرح أحكام قتل المرتد. نتغافل عن أن داخل كل منا "داعش" منصوب على ناصية صدره، منهم من أطلقه، ومنهم من ينتظر.
نحن فقط نقرر، نعتقد بأنه يمكننا سلخهم منا، وننجح بذلك في الصباح. وفي المساء نكرر ما خرجوا لنحر الرقاب من أجله: "أنه يجب علينا القتال حتى يدينوا بما ندين به" كعقيدة لا تهتز، في الوقت نفسه؛ يهتز قلب والدة حين علمت أن ابنها الآن يتقاسم غرفة نومه مع أشخاص يحاولون قطع طريقهم إلى الجنة سيراً على الرقاب "بسكاكينهم". وتذبل في الشام وردة، تسقط حمامة في العراق. وتقطع رقبة، وننسى كيف نبدو.