يؤكد عدد من المختصين في قطاع التقنية والاتصالات أن الحوسبة السحابية، ستكون هي المستقبل في التعامل مع التقنية المعلوماتية في المنطقة خلال السنوات المقبلة، نظير التقدم الهائل في البنى التحتية المعلوماتية، ودخول الحلول والتطبيقات ذات المعايير العصرية في رسم الخارطة المعرفية المعلوماتية.

والحوسبة السحابية، هي مصطلح يشير إلى المصادر والأنظمة الحاسوبية المتوافرة تحت الطلب عبر الشبكة والتي تستطيع توفير عدد من الخدمات الحاسوبية المتكاملة دون التقيد بالموارد المحلية بهدف التيسير على المستخدم، وتشمل تلك الموارد مساحة لتخزين البيانات والنسخ الاحتياطي والمزامنة الذاتية، كما تشمل قدرات معالجة برمجية وجدولة للمهام ودفع البريد الإلكتروني والطباعة عن بعد، ويستطيع المستخدم عند اتصاله بالشبكة التحكم في هذه الموارد عن طريق واجهة برمجية بسيطة تُبَسِّطُ وتتجاهل الكثير من التفاصيل والعمليات الداخلية.

وبحسب المحلل التقني سامر عبدالرحيم، الذي يورد في حديث خاص إلى "الوطن"، عوامل الاعتماد الكبير على "الحوسبة السحابية"، ويستند في طرحه إلى عدد من المصادر الحيوية في هذا المجال والتي ذكر منها تزايد اعتماد الشركات غير التقنية على الحوسبة السحابية في أعمالها، على رغم أن كثيرا من مسؤولي تقنية المعلومات ما زالوا ينكرون تحول شركاتهم إلى استخدام الحوسبة السحابية، إلا أن الفروق تتضاءل شيئا فشيئا بين مزودي هذه الخدمة ومستخدميها، فمعظم الشركات تتجه حاليا إلى اعتماد هذه الخاصية.

مجلة فوربس الشرق الأوسط الأميركية تؤكد في أحد تقاريرها على تنامي عدد الشركات المحوسبة سحابيا بالكامل وازدهارها، وتضيف في هذا السياق: "سنلحظ في الفترة المقبلة نموا أكبر في الشركات الناشئة وتقلصا في عملياتها الميدانية- في ظل انعدام الإمكانات المحلية - بحيث ستكون أعمال هذه الشركات بسيطة للغاية ومتاحة فقط عبر الحوسبة السحابية".

وترى المجلة أن نظاما اقتصاديا سينشأ جديد بالتزامن مع احتلال تلك الشركات الجديدة المرتكزة على خدمة الحوسبة السحابية لمكانة متقدمة في مجالاتها. وهذا أمر مؤكد الحدوث، بالنظر إلى المعدلات المرتفعة للبطالة- في حين سيسارع أصحاب المهن المختلفة، والذين يعانون خيبة الأمل في تحقيق طموحاتهم، إلى تبني المصادر التي توفرها شبكة الإنترنت وواجهات برمجة التطبيقات والخدمات المتاحة حاليا لبناء مستقبلهم.

انعكاسات الخاصية الجديدة، سيؤدي إلى ظهور القوى العاملة بواسطة الحوسبة السحابية، بالإضافة إلى الشركات التي تستخدمها، حيث يوجد بالفعل العديد ممن يمارسون عملهم من منازلهم أو من المقاهي أو المكاتب البعيدة في أنحاء العالم. وبفضل التطور التقني أصبحت مخرجات العمل ذاتها ترسل أو تستلم عبر الإنترنت- وهو ما يطلق عليه "الاستعانة بالمصادر الخارجية". كما أصبحت متاجر تجزئة عديدة تستعين بهذه المصادر من أجل تحليل أنماط زيارة زبائنها، وتقوم وكالات الإعلانات والتسويق باستخدامها أيضا في استكشاف رغبات الفئات المستهدفة من المستهلكين وإجراء عمليات بحث بواسطة الكلمات المفتاحية والكتابة والتحرير ووسم الصور.

من جهتها، كشفت شركة "أوراكل" أن اعتماد قطاع التقنية في القطاعات المختلفة بالمملكة، سيرتفع أكثر من 30%، على استخدام "الحوسبة السحابية" خلال 2014، مرجعة ذلك إلى النمو المتسارع الذي يشهده الاقتصاد السعودي ومنظمات الأعمال محلياً.

وسيشارك مشروع الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار للحوسبة السحابية - مجدول السحب الهجينة - الذي تشرف عليه وحدة العلوم والتقنية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بورقتين علميتين في المؤتمر الأوروبي السابع للنمذجة الحسابية والمحاكاة الحاسوبية، الذي يقام في مدينة مانشيستر ببريطانيا خلال نوفمبر الحالي. يذكر أن مشروع الحوسبة السحابية هو مشروع بحثي رائد يهدف إلى الإسهام في نشر الوعي بمفهوم الحوسبة السحابية وتسهيل خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإثراء البحوث العالمية في هذا المجال المتنامي.