"المواطن أولا، كل شيء مسخر لخدمته، وكل الإدارات الحكومية مهمتها الوحيدة هي خدمة المواطن".

تلك المعاني يسمعها المواطن بمناسبة ودون مناسبة في تصريحات مديري الإدارات العامة، والمواطن يصدقها ويحبها، ولا يريد إعادة النظر فيها، لكنه يعيش صراعا معها كل يوم على الأصعدة الخدمية، ومنها الطرق.

فيما عدا أذية المطبات، فمن يسير بسيارته في طرقات جازان يرى مناظر معتادة من سنوات، كوبري قصير أمام بوابة مستشفى الملك فهد مثلا نسي الناس أنه مشروع يمكن أن ينتهي في حياة هذا الجيل.

كل الطرق الرئيسة في طول المنطقة وعرضها مصابة بأورام التحويلات من سنوات، طريق جازان/ الأحد/ صامطة، وطريق أبوعريش/ الأحد مثلا، لا ينتهي ورم إلا بورم آخر حتى ظن الناس أن هذه هي طبيعة الطرق الرئيسة.

أحيانا، ولأسباب غير مفهومة، يتم فتح طرق مزدوجة أمام "المواطنين أولا" لاستخدامها وهي ما زالت كحلك الليل، "ازفلت" فقط، تفتقد كل إرشادات السلامة، خالية من خطوطها البيض والصُّفر ومن "عيون القطط". وبمناسبة عيون القطط، يبدو أن الجهة المسؤولة عن مشاريع الطرق في جازان لا يجدون في أسواق العالم إلا القطط العمياء، كم تسحرنا عيون قطط الرياض وجدة مثلا، في بعضها لمعان مخلص ونزيه، لكن عيون قططنا المحلية مطموسة ميتة البصر والضمير. نحن نتمنى ونأمل ونناشد كل الجهات الرقابية في البلد لعمل مقارنة بين عيون قططنا وعين قطط جدة والرياض وعسير، عيون القطط دليل على الاهتمام بالمواطن.

المواطن يدرك أن سلامته خارج اهتمام الجهة الحكومية المسؤولة عن عين قطة مغشوشة في طريق مغشوش، وأن خلف الغش "ربّاطية" فساد، تضم مقاولا وإدارة عامة مسؤولة وجهة مسؤولة عن إدارة الإدارات، والجهات الرقابية ذات الصلة.

"المواطن أولا" إنما تأخذ قيمتها من الواقع على الأرض، لا من التصريحات، وأن المشاريع نفسها هي ما يحدد موقع المواطن أولا أم عاشرا.

المواطن إما أن يصدق التصريحات ويصدق معها نقيضها على الأرض فيصيبه مرض الفصام، أو يكذبها، مرغما، فيرتاح ويحافظ على توازنه النفسي لمصلحته ومصلحة الوطن.

أهل الخيار الثاني في ازدياد.