قال الأمير سعود بن خالد الفيصل المدير التنفيذي للعمليات بمركز التنافسية الوطني، وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار المكلف في تصريح له للصحف السعودية قبل أسابيع: إنه وفقا لتقرير الأونكتاد فإن المملكة تمكنت من استقطاب حوالي (133) مليار ريال تقاسمتها قطاعات هامة وحيوية، وما زالت المملكة تمتلك إمكانات أكبر لاستقطاب استثمارات تفوق ما تحقق فعليا. ولمعرفتي اليقينية بحساسية دخول بعض القطاعات ضمن الاستثمارات الأجنبية إلا أنني أرى أن نقف عندها حيث إنه على سبيل المثال في قطاع التعليم وضعت خطة عشرية بهدف وصول مشاركة القطاع الخاص في التعليم إلى 25% خلال تلك الخطة وقد مضى على الخطة أكثر من نصف مدتها ولم تتعد مساهمة القطاع الخاص أكثر من 8%. ويمكن وضع ضوابط لدخول هذا القطاع ضمن الاستثمارات الأجنبية وفق ضوابط دقيقة ومحددة واشتراط شريك سعودي أو خليجي وتحميله مسؤولية الالتزام بتلك الضوابط. أما قطاع الصحة فلم ينقدح لي مسوغ لعدم دخوله ضمن الاستثمارات الأجنبية. إن قطاعي التعليم والصحة من بين هذه القطاعات التي يمكن أن تجذب الاستثمار فهما من القطاعات الكبيرة التي تشكل حاجات أساسية للمواطنين والمقيمين على حد سواء وهما يعانيان من مشاكل كثيرة بسبب تزايد الطلب عليهما خصوصا الطلب على الخدمات الصحية والتعليمية النوعية ذات الجودة العالية. لماذا غياب الاستثمارات الأجنبية بالكامل أو الأجنبية السعودية المشتركة في هذين القطاعين إذا استثنينا زيادة حجم الاستثمارات في مجال تصنيع المعدات الطبية؟ أقول لماذا هذا الغياب في ظل نجاح الهيئة العامة للاستثمار في تحسين البيئة الاستثمارية في بلادنا.
ممثل منظمة «الأونكتاد» السيد تيرفي قال عندما أعلن نجاح المملكة في تحقيق المركز الثامن في جذب الاستثمارات الأجنبية: إنه وطبقا للتقارير الصادرة عن منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» فإن السعودية تملك إمكانات في جذب الاستثمارات تفوق ما تحقق فعليا، وأقول: نعم إن ذلك واضح كل الوضوح إذا رأينا قطاعي التعليم والصحة القادرين على جذب المليارات لما يتقدم لهما أحد.
بحسب علمي أن وزارات الصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي لم يبدوا تعاونا إيجابيا مع الهيئة العامة للاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو المشتركة لأسباب تخصهم حيث يرى القائمون على التعليم أن هذا القطاع حساس ولا يجب أن يتدخل به مستثمرون أجانب للخوف من أن يؤتى بتعليم أجنبي يصعب التحكم فيه ويتعارض مع سياسات التعليم في بلادنا فيما يرى القائمون على وزارة الصحة أن الاستثمار الأجنبي سيزاحم المستثمرين من الأطباء السعوديين وكلاهما من وجهة نظري مبررات منطقية إلا أنه يمكن معالجتها لنتفادى حرماننا من التقدم في هذين القطاعين الهامين والحيويين اللذين يحتاجان لاستثمارات أجنبية تشعل التنافسية فيهما لصالح المستهلكين لخدماتهما، وما يؤكد كلامي ما قاله الأمير سعود بن خالد الفيصل في تصريحه، حيث أكد أن إيجابيات فتح القطاعات الاستثمارية أمام المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء أكثر من سلبياته.
الكل يعلم أن مواردنا البشرية ضعيفة تنافسيا بسبب ضعف التعليم العام والجامعي ولدينا برامج لتطوير مرفق التعليم مازالت في مهدها. والكل يعلم أننا نبتعث آلاف الطلاب للخارج لمعالجة هذا الضعف دون أن نخاف من تأثير السياسات التعليمية الأجنبية التي نرى بأنها الأفضل، والكل يعلم أن القطاع الصحي الخاص قطاع فيه جوانب تحتاج إلى علاج هي نفسها وتحقق أعلى إيرادات. والكل يعلم أن هناك قصصا وجوانب تعيق النهوض والتطوير في هذين القطاعين وقد يكون في إشعال المنافسة فيهما بإدخال الاستثمارات الأجنبية النوعية المتميزة بأحدث الأساليب الإدارية والفنية والمسلحة بأحدث التقنيات التكنولوجية والكوادر المتميزة التي يمكن لنا نقلها لمواردنا البشرية الوطنية قد يكون في كل ذلك إيجابيات تعمل على النهوض بهذين القطاعين.
في موقع وزارة التخطيط والاقتصاد تقول الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي إنه سيكون اقتصادا متطورا منتعشا ومزدهرا قائما على قواعد مستدامة موفرا فرص عمل مجزية لجميع المواطنين القادرين على العمل متسما بنظام تعليم وتدريب عالي الجودة والكفاءة، وعناية صحية متميزة متاحة للجميع ... إلخ) فهل يعقل أن تتحقق الاستدامة بالاستناد إلى الصرف الحكومي المتأثر بشكل كبير بأسعار النفط المتذبذبة. وإذا كان الأمر غير ممكن فلماذا التوسع في الإنفاق الحكومي تطويرا وتشغيلا على المرافق التعليمية والصحية دون وضع خطة لإشراك القطاع الخاص المحلي والأجنبي في هذين القطاعين لتعزيز أسواقهما عرضا وطلبا وكما ونوعا؟
أعتقد أن على الهيئة العامة للاستثمار أن تضاعف جهودها مع وزارات الصحة والتربية التعليم والتعليم العالي لفتح باب الاستثمار في هذين القطاعين الهامين والحيويين خصوصا وأن قطاع الخدمات في بلادنا يتوقع له أن يكون القطاع الرائد في التنويع الاقتصادي خلال مدة الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة لمدة 20 عاما (لغاية عام 1445هـ) والأمل معقود على حكومتنا في دعم جهود الهيئة العامة للاستثمار للنجاح في مهمتها في جذب الاستثمارات الأجنبية النوعية لبلادنا.