بمنطق الصداقة البعيدة كل البُعد عن المداهنة والمجاملة، استقبلت السعودية وزير خارجية أميركا وأوضحت له موقفها من (الغزل) الأميركي الإيراني الذي تنتهجه الإدارة الأميركية الحالية وتبعات هذا التقارب الضار على دول الخليج كافة وعلى الشعب السوري خاصة.
في الجانب الآخر، كانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن بسبب فشل الأخير في معالجة القضايا العربية.
إن الموقفين يدلان دلالة واضحة وصريحة على عدم (تلّون) الثوب السياسي السعودي أمام قوى العالم الخارجية مهما كانت المغريات، لأن السعودية أكبر من هذه العضوية بكثير كقوة اقتصادية عالمية هائلة. فليس من العدل والمنطق أن تُصنف دول العالم على أساس امتلاكها للقوى العسكرية فقط، خصوصا وأن المفاهيم اختلفت كثيرا وأصبحت (القوة الاقتصادية) أكثر تأثيرا من الآلة العسكرية، فها هي الدول العظمى تعترف بتأثير تلك الحروب ففرضت (الحظر) على إيران والعراق والكثير من دول العالم دون تدخل للقوة العسكرية.
وقد دفعت السعودية ثمن ذلك الحظر خسائر كبيرة كانت ستدخل مليارات الدولارات على خزينتها امتثالا لقرارات (المجتمع الدولي)، ومع ذلك التأثير السلبي على الخزينة السعودية إلا أنها بقيت قوة اقتصادية عالمية عظمى.
إن المجتمع الدولي كافة والإدارة الأميركية خاصة، يجب عليها أن تعلم أن تغيير السياسات وتلونها فجأة قد يؤديان إلى ما لا تحمد عقباه، خصوصا على مستوى الاقتصاد في العالم كله، فالنفط قد تستورده دول كان بالأمس محظورا عليها استيراده، والريال قد يرتبط بسلة عملات أقوى تأثيرا من الدولار الأميركي ولن تخسر الخزينة مرة أخرى، ولن يحصل ذلك إلا في حالة عدم الحصول على عضوية سعودية دائمة في مجلس الأمن يعترف بها كقوة عظمى تجعلها تمتلك حق الفيتو الذي استخدمته دول أقل شأنا منها ضد المصالح السعودية، لا لشيء ولكن لأن تلك الدول تمتلك الآلة العسكرية فقط.