في خضم ما يحدث من هجوم لفظي عنيف بحق الحكام وأكثر من ذلك بما يصل للاعتداء، أعطى لاعب نادي الصفا (مهدي البراهيم) درسا في التنافس الشريف واحترام الحكام وهو يتصدى لإداري فريقه الذي هم بالتهجم على الحكم بعد نهاية المباراة أمام الفيحاء في الدور النهائي لدوري أندية الدرجة الثانية.

ولم يشر التقرير في صحيفة (الرياضي) إلى اسم الإداري في تغطية لدورة حكام المستقبل، حيث استعرض عمر المهنا رئيس لجنة الحكام اللقطة، مشيدا بموقف اللاعب، ومطالبا حكم المباراة بتبليغ مقيم الحكام للرفع لرئيس اللجنة كي تتم مخاطبة مجلس إدارة اتحاد القدم لتقديم خطاب شكر للاعب.

وفي هذا الصدد تحدثت مع المهنا الذي كان في قمة سعادته باللاعب وهو يتصدى وبقوة للإداري، مما وجب عليه أن يقدم الشكر له كأقل واجب، مبينا أن اللقطة معبرة جدا عن حادثة مفرحة للاعب ومحزنة للإداري الذي يفترض أن يكون الأهدأ، كيف لا وهو من يجب أن يضبط اللاعبين؟

ومن جانبي وأمام هذا الفعل الجميل والمثالي من لاعب يواجه ضغوطا أكثر ممن هم خارج الملعب، آمل من اتحاد القدم أن يحتفي باللاعب (مهدي البراهيم)، وأن يكتب له خطابا خاصا ويعممه على الإعلام، مع تكريمه بأي طريقة تعطي لهذا التصرف الرائع قيمته بما يعزز ثقافة التعامل مع الحكام وتحفيز الجميع على التعامل الرياضي وقبول أخطاء الحكام.

هذا التصرف يدين الإداريين أكثر من غيرهم في ضعف ثقافة التعامل مع أخطاء الحكام، دون إغفال وجود مسؤولين وإداريين على قدر من الكفاءة والاحترام وتقبل الخسارة، لكن الحادثة تحكي واقعا مؤلما نعيشه في مختلف الأندية والمستويات والدرجات، والمشكلة الكبرى ليست في اللاعبين، بل في رؤساء الأندية والإداريين والمدربين والإعلاميين، وبالتالي هؤلاء بكل فروعهم بحاجة إلى ضبط وتعامل صارم، دون أن نبخس حق من هم على قدر من التعامل بمسؤولية، بيد أن الغالبية سلبيون، ويصل الأمر إلى إطلاق التهم جزافا وعبارات بذيئة تحكي قلة أدب، بكل أسف.

وإذا كان الإداري المشار إليه لم يطلق عبارات مسيئة فلا بد من توجيه لفت نظر له أو إيقاع أي عقوبة تتناسب وما أقدم عليه، مع تحذيره بعقوبة أقسى إذا كرر أي تصرف مسيء.

وفي المقام ذاته، من واجب الحكام المحافظة على أنفسهم وتقوية شخصيتهم بكتابة الأحداث والرفع بها للجنة التي بدورها تقدمها للجنة الانضباط، مع التشديد على عدم التساهل في مثل هذه الأمور، فالواضح أن أغلب الحكام يتراجعون عن كتابة كثير من الحالات السلبية، ولا سيما إذا كان الأمر مقتصرا على ألفاظ، وبعد ساعات من المباريات تكون المطالبات على نحو: (طلبتك، هات خشمك، فك نفسك من القيل والقال، ما راح تستفيد شيء، المسكين سيدفع غرامة خمسين ألف.. الخ)، وبالتالي يكون الحكم أساء لنفسه مرتين، وفي المقابل يستمرئ الإداريون وغيرهم الإساءة للحكام.

أيضا الأفعال الإيجابية، تكتب أو توصل بطريقة خاصة للجنة وبدورها تتفاعل بما يعزز من قيمة العلاقة مع الأطراف الأخرى.

وبالمناسبة، مازال بعض الحكام يتجاوزون عن أهم حقوقهم الاحترازية ويتحملون أعباء المباريات مع عدم وجود رجال أمن لحماية الملعب، وقبل فترة وجيزة تكرر الاعتداء على حكام في ملاعب غير آمنة.

بقي أن أشد على عمل اللجنة في تنظيم دورة (حكام المستقبل) التي أقيمت في مرحلتها الثانية بالرياض، بمشاركة 25 حكما من صغار السن، والأمل أن تكون في مستوى اسمها (حكام المستقبل) متى كان (التأسيس) فيها مكتملا.