هذا الوطن الذي يحتضننا، هو ملك لنا جميعا، نحلم من أجله، ونسعى سويا للنهوض به لمصاف الدول المتقدمة، معتمدين في ذلك على الأسس التي بني عليها هذا المجتمع، الذي يرى بأننا جميعا "اللبنات الأساس" والمكون الأول والعنصر الأهم للحاضر والمستقبل.
إن انتقدنا ما في وطننا من أوجه قصور، فذلك لا يعني أننا نسعى للإضرار به، وإن حاولنا تغيير بعض ملامحه التي أكل عليها الزمن وشرب، فذلك ليس دليلا على أننا نرفض الحاضر أو ننقلب على الماضي، بل هو الواجب الذي يجب أن يقوم به كل عنصر فاعل
وفرد مؤمن بأن بناء الحضارات والأوطان يأتي عبر المرور بالتجارب المختلفة والتحولات والدروس الإيجابية والسلبية.
المجتمع السلبي هو الذي يخاف أفراده تبعات التصنيف الموجه، الذي قد يضعهم في بوتقة الرفض الآني، ويحولهم لخارجين عن المألوف،
وإن كانوا على قناعة بأن حاضرهم هذا ليس إلا انعكاسا عقيما لتراكمات أزمنة عابرة وغابرة، تشربت الجمود وتبنت الركود والانعزال والتهليل، بل هو البكاء على الأطلال.
يجب ألا نخاف النقد فقط؛ لأننا نرى أن ذلك قد يغضب السائد العام، فتغيير الممارسات البالية عبر التاريخ أتت من خلال مصارحة حقيقية قام بها أفراد وجماعات لواقعهم، فنهضوا من سباتهم وأعادوا خلق واقعهم وأنتجوا مستقبلا استطاع أن يأخذها لمصاف الدول والمجتمعات التي أثرت في البناء "الأممي"، وتحولت من مستهلك سلبي للفكر والعادات والتقاليد إلى مجتمع متحضر فاعل ومؤثر.
الوطنية كمفهوم وممارسة لا تعني أن نؤكد فقط أن كل شيء في محيطنا يمضى باتجاه الكمال، كما أن الوطنية لا تعني أن نضع جميع منجزاتنا في وعاء الفشل وجلد الذات، فبينهما عوالم من التفكير الحيادي والتحليل المنطقي والرؤى الاستشرافية لما يجب أن يكون عليه المستقبل، فتختلف فيه الأطراف وتتنازع حوله الأفكار ولكن يبقى فيها الجميع يسعون للوصول إلى واقع موحد، يتشكل من مشاركة شعبية وولاء مطلق للوطن، ونبذ كل أشكال التفرقة والتناحر المذهبي والعنصري والطبقي.
سأحبك يا وطني، لذلك ستجدني أنتقد ما يزعجني فيك، ولو أطلق عليّ كل مزايد تلك الأوصاف التي يحاول من خلالها أن يشيطن اختلافي معه، فكل ذلك لا يهمني؛ لأني سأبقى في عين ذاتي وطنيا محبا لهذه الأرض وهذا الوطن حد الثمالة.