فرض واقع الشركات العائلية الخليجية المسؤولة عن تشغيل نحو 75% من القوى العاملة في منطقة الخليج، مطالب برفع مستوى الخدمات المهنية الاستشارية في المجالات القانونية والمالية والإدارية لما لها من أدوار تدخل في صميم مهام تدعيم بقاء واستمرار الشركات العائلية، في حين دعا منتدى الشركات العائلية الخليجية إلى وضع برنامج شامل على مستوى الخليج لتدعيم هذه الشركات ومنع حدوث أي اهتزازات أو انكسارات تؤدي إلى تفتتها.

وأكد الخبراء المشاركون في منتدى الشركات الخليجية العائلية الذي اختتم أعماله في دبي أول من أمس، على أهمية نشر ثقافة ومفهوم الشركات العائلية لكي تنعكس على استمرار الشركات والعوائل عبر الأجيال؛ بما يعكس الحالة العامة في العالم التي تؤكد على اندثار الشركات العائلية مع الجيل الثالث ودعمها للاقتصاد ولطبيعتنا في منطقة الخليج والسعودية، إذ إن أساس الوجود في المجتمع هو العوائل والقبائل مما يحتم الرغبة في تواصلها واستمرارها عبر الأجيال.


تحقيق الاستمرار

ووجه المنتدى عبر المشاركين فيه دعوة إلى الأخذ بنصيحة الاستمرار ومتطلباته الذي لا يقتصر على مجتمع الأعمال والشركات، بل لجميع السلطات في الدولة التشريعية منها والتنفيذية خصوصاً وزارات التجارة، لتأخذ القوانين واللوائح والأجهزة والمؤسسات في الاعتبار الخصوصية الهامة للشركات العائلية، التي لا تعني أصحابها وملاكها بالدرجة الأولى بقدر ما تعني الاقتصاد واستقراره واستقرار ملايين العوائل المرتبطة بالشركات العائلية بالقطاع الخاص، باعتبارها مسؤولة عن تشغيل 75% من القوى العاملة في دول الخليج، إضافة إلى مسؤوليتها عن إدارة وتشغيل المرافق الحكومية، ومشاريع التنمية.

وثمن المنتدى التوجيه السعودي الكريم بأمره السامي إلى مجالس الغرف السعودية والغرف السعودية بضرورة إنشاء مجالس لفض منازعات الشركات العائلية بالصلح والتوفيق فيما بينها، معتبراً أن هذا دليل على استشعار القيادة أهمية الشركات العائلية، التي يجب أن تنعكس على سلطات الدولة والغرف التجارية.


برنامج شامل

كما شخص المنتدى ثغرات بين الشركات العائلية والمكاتب الاستشارية، وهو الأمر الذي دعا إلى العمل على رفع مستوى الخدمات المهنية الاستشارية من القطاع الخاص حتى ترقى إلى حجم التحديات والطموحات والآمال، عبر ما يجب أن تقدمه تحديداً فيما يخص مستقبل الشركات العائلية لأن لها أدوارا تنفيذية واستشارية تدخل في صميم مهام تدعيم بقاء استمرار الشركات كعضوية الشركات في مجالس الإدارات أو المجالس الاستشارية أو في تقديم الخدمات الاستشارية في النواحي القانونية والمالية والإدارية والاقتصادية.

وهنا دعا المنتدى إلى وضع برنامج عمل وطني شامل على مستوى الخليج أو مستوى كل دولة كالمملكة، مؤكداً أن أحوج ما تكون الشركات العائلية إليه هو الالتفات إلى الداخل لتدعيم قطاع الشركات العائلية ومنعها قدر الإمكان من أي اهتزازات أو انكسارات تؤدي إلى تفتت الكيانات.





تحديات الشركات

وكان المنتدى قد شهد في آخر أيامه نقاشا تطرق بالتفصيل إلى الحالات والتحديات التي تمر بها الشركات العائلية، إذ قال الرئيس المشارك للجنة الأنشطة الحقوقية بالاتحاد الدولي للمحامين المحامي ماجد قاروب إن اللحظات القانونية الحرجة في الشركات العائلية تبدأ مع التفكير بالزوجة الثانية، ومن ثم إشكاليات الأرحام والأنساب، في ظل عدم وجود خبراء ومستشارين لوضع الحلول المناسبة لأي خطوات على الصعيد العائلي، مضيفاً أن من اللحظات الحرجة تعليم الأبناء، إذ عادة ما يكون تعليم الابن الأكبر مختلفا عن تعليم الابن الأصغر الذي يحظى بتعليم أفضل مما يحدث خلافاً ثقافياً بين الأبناء، داعياً إلى مراعاة هذا الأمر لتضييق فجوة الخلاف ووضع حلول أسرية متكاملة.

وأشار قاروب إلى أنه من اللحظات الحرجة أيضاً قرار الزوجة الثالثة، وتسليم إدارة الشركة إلى الابن الأكبر، إذ إن ذلك يفتح الباب أمام احتمالية خروج الأبناء الصغار على هذا القرار مما يسبب منازعات، مضيفاً أن إدارة الابن الأصغر تعتبر من اللحظات الحرجة أيضاً، وما يسببه من تداعيات للأبناء الآخرين.

واستمر قاروب في عد اللحظات الحرجة مثل الاستقالة التي تتسبب في تغيير طريقة معاملة الشركات الأخرى والبنوك لكيان الشركة العائلية، إذ اعتادوا على التعامل مع صاحب الشركة العائلية الأكبر أو مؤسسها الذي تعني استقالته بالنسبة لهم ضمانات أقل، لافتاً إلى أن الأحفاد والتوريث وتوزيع الأملاك وتوزيع الأدوار والتحول إلى شركة مساهمة لحظات حرجة لأي شركة عائلية لابد لها من البحث عن خدمات استشارية حقيقية.


الاستعداد للمستقبل

أما اللحظات الحرجة الحقيقية فيرى قاروب أنها تتمثل في الوفاة والورثة وتصفية الحسابات بين الورثة وبدء الشركاء بالانسحاب أو الانقضاض على أعمال الشركة، وبدء المديرين بترك العمل، وهو الأمر الذي يتطلب الاستعداد له مسبقاً عبر وضع حلول حازمة تضمن استمرارية الشركة.

من جهته يرى مدير شريك بالمجموعة الاستشارية القابضة الاستشاري علي مهنا، أن أهم سبب يدفع مؤسسي الشركات العائلية للعزوف عن تنظيم وضع شركاتهم وعائلاتهم قبل الوفاة يتمثل في العاطفة التي ترفض تصور ما بعد الوفاة، في حين أشار قاروب إلى أن للمجتمع أيضاً دورا سلبيا في التعليق أو تقبل أي قرار داخل عائلة ما، إذ تستنكر فئة كبيرة من المجتمع أي تصرف تنظيمي يحدد مستقبل الشركة العائلية بعد وفاة مؤسسها.


تعاقب الأجيال

وأشار علي مهنا إلى 6 مراحل متبعة لإنجاح خطة تعاقب الأجيال في الشركات العائلية تتمثل في تجهيز خطط التقاعد، وتحسين الأداء وفصل الملكية عن الإدارة وبناء مهارات الخلف أي الأبناء، والبحث عن شريك استراتيجي، والشفافية والحوار مع وبين أفراد العائلة، إضافة إلى تكوين مجلس للعائلة.


دور المرأة

من جهتها قالت المديرة العامة لمجموعة "تي إس آند إم" الدكتورة نوف الغامدي إن أهم العوامل التي أوصلت المرأة لقيادة الشركات في دول عدة حول العالم على رأسها أميركا تتمثل في الخبرة، والرغبة في التطور والتعاون مع الموظفين والعائلة، والانفتاح، إذ إن المرأة بطبعها تتميز بحب الاطلاع والاستكشاف، وعدم اتخاذ مواقف صدامية مع الأقارب والشركاء، معتبرة أن فكر المرأة مثر جداً، وأنها حماية للشركات من الانزلاق.

وذكرت الغامدي أن الخطوات اللازمة لتفعيل دور المرأة في الشركات العائلية تتمثل في تمكينها وليس الاستقواء عليها، وحمايتها من العنف الاقتصادي مثل عدم الأخذ بحقوقها وحرمانها منها، والتطبيع الاقتصادي للمرأة داخل مجالس الإدارة.