أرجع اختصاصيون السبب الرئيس في سيطرة أفلام العنف، أو بما يعرف إعلامياً باسم "سينما العشوائيات"، على الساحة السينمائية في مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وتحديداً بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011، إلى غياب الفنانين الكبار.
وعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية غابت السينما النظيفة، وتوارت الأفلام التي تحمل قصة أو هدفا، لتحل محلها أفلام الرقص، والدم، والعنف، التي تتضمن إيحاءات وألفاظ خادشة، ما جعل شريحة كبيرة من الجمهور - وبخاصة الأسر التي اعتادت اصطحاب أولادها وبناتها إلى دور العرض- تعزف عن هذه النوعية من الأعمال، واقتصر جمهور تلك الأفلام على الشباب دون الـ 18 عاما فقط.
من جهته أكد المستشار الإعلامي للشركة العربية للإنتاج عبد الجليل حسن، أن غياب شركات الإنتاج الكبرى خلال العامين الماضيين، يرجع للظروف السياسية التي شهدتها البلاد، إضافة إلى القرصنة عبر شبكة الإنترنت والقنوات، وفاقم من الوضع غياب الدور الرقابي للدولة في حماية صناعة السينما أو دعمها، وأيضا الذوق العام السائد حالياً والذي يفرض نوعية واحدة من الأعمال.
وأضاف أن شركته أنتجت مؤخرا فيلم "فبراير الأسود"، و"بنتين من مصر"، إلا أنهما لم ينجحا تجارياً بسبب عزوف الجمهور عن دخول دور العرض، واقتصر الحضور فقط على شباب دون الـ 18 عاما، ممن يفضلون أفلام العنف.
من جهته طالب المنتج محمد فوزي، بضرورة تدخل الدولة لحماية صناعة السينما من الانهيار، لاسيما وأنه يعمل بها نحو أكثر من ثلاثة ملايين عامل وفني، مشيراً إلى أن الظروف السياسية والأمنية لا تسمح بإنتاج أفلام كبيرة.
الناقدة نهى جاد قالت إن أفلام العشوائيات، والرقص، والإيحاءات، هي طبيعة الفترة الحالية، واعترفت بأن هذه الأعمال لها جمهور عريض من الشباب، مشيرة إلى أن غياب السينما الهادفة أدى إلى عزوف العائلات عن السينما.
وأضافت أن شركات الإنتاج الكبرى توقفت حالياً لدراسة الأوضاع، خاصة في ظل حظر التجوال، مشيرة إلى أن قيام النجوم الكبار برفع أجورهم، زاد من هموم صناعة السينما بشكل كبير، وهو ما دفعهم للهروب إلى الدراما، دون النظر إلى ظروف السوق أو ما يحدث فيها.
أما الفنان محمود ياسين، فأشار إلى أن السينما المصرية في خطر شديد هذه الأيام، لافتاً إلى ضرورة تضافر كل الجهود لحماية هذه الصناعة الهامة من مخاطر عديدة، أبرزها القرصنة، وانتشار أفلام العشوائيات التي اعتبرها تخريباً للعقول والثقافات، على حد قوله.
وأكد أن المسؤولية في المقام الأول تقع على عاتق الدولة، ثم الفنانين أنفسهم، مطالباً بضرورة إعادة النظر في أجور الممثلين، للمساهمة في مساعدة شركات الإنتاج على تقديم أعمال مميزة، بعيداً عن السينما الهابطة.
واعتبر ياسين أن الأرباح الكثيرة التي تحققها بعض شركات الإنتاج من وراء الأفلام الحالية ما هي إلا مكاسب وقتية، تفيد المنتج ولكنها تضر كثيراً بصناعة السينما.
فيما أكد الفنان أحمد حلمي أن السينما المصرية تمر بأزمة واضحة بسبب عزوف الكثير من المنتجين عن إنتاج الأعمال الفنية خوفا من الخسارة، مطالبا بمساندة المهنة كي لا تنهار، قائلاً:" أنا بدوري سأظل أنتج، ولن أخشى الخسارة، لأن دوري كفنان أن أساند هذه الصناعة". وأضاف أنه يخشى أن يكون مصير السينما مثل المسرح أو السوق الغنائية، مشيراً إلى أنه تنتابه حالة من الحزن والإحباط عندما يشاهد الأعمال السينمائية، تُسرق وتُبث على الإنترنت لأن ذلك تعب ومجهود أناس كثيرين.