يلاحظ أن كثيرا من المقالات والتحليلات في وسائل الإعلام الأميركية التي تناولت مواقف المملكة العربية السعودية الأخيرة التي أظهرت امتعاضها من السياسات الأميركية في المنطقة، ومن مجلس الأمن الدولي، قد كشفت عن انحطاط سياسي وأخلاقي في التناول، مع أن البعض الآخر قد ناقش المواقف السعودية بقدر لا بأس به من الموضوعية.
والملفت للنظر حقا أن تلك الكتابات المغرضة تجاهلت تماما كل الأسباب التي حددتها السعودية في بيانها الذي أعلنت فيه قرار رفض عضوية مجلس الأمن، كما تجاهلت تلك الكتابات -في نفس الوقت- الانتقادات التفصيلية التي وجهها مسؤولون سعوديون للسياسات الأميركية في المنطقة. ويلاحظ أيضا تهرب المقالات تماما من مناقشة جوهر القضية، والابتعاد عن طرح الانتقادات السعودية، ومن ثم الرد عليها، أو تفنيدها، حيث عمدت بدلا من ذلك، إلى التشويه والتضليل، وشنت حملة تشويه وافتراءات وإساءات للمملكة، وتحدثت في أمور لا علاقة لها بقضايا الخلاف بين السعودية وأميركا، حيث تحدثت عن حقوق الإنسان في السعودية، وذلك بقصد التأليب، وإثارة الفتنة، وزعمت أن السعودية هي المسؤولة عن التطرف، وإشاعة الكراهية، وعدم التسامح في العالم الإسلامي، في الوقت الذي أشار فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تصريحاته في زيارته الأخيرة للمملكة صراحة، إلى حقيقة الخلاف القائم، عندما هرول إلى الرياض محاولا احتواء الغضب السعودي، والحيلولة دون تصعيد الخلافات، مع أنه حاول التقليل من حدته بوصفه له بأنه اختلاف على الوسائل.
وحين تتحدث تلك المقالات المغرضة في قضايا الخلاف بقناعة التاءات الثلاثة والتي تمثلت في (التحليلات، والتعليقات، والتسريبات، بخصوص توتر العلاقة مع واشنطن على خلفية الملف السوري، والاعتذار عن عضوية مجلس الأمن، إضافة للملف النووي الإيراني، والتي قطعت الرياض الطريق قبل عدة أيام أمامها)، فإنها تكشف عن أحقاد واضحة على السعودية، وضغينة على العرب والمسلمين جميعا.
ولا جرم أن تناول الخلاف على هذا النحو من التضليل بتجاهل أسبابه، إنما هو إقصاء متعمد للموضوعية في مناقشة قضايا المنطقة، حيث المنطق السليم يقول إن من يريد أن يتعرض لقضايا المنطقة، ويتصدى للحل، فإن عليه أن يناقش الموقف السعودي بإنصاف، وعلى خلفية الأسباب التي استولدته، وعندها فلا مانع من أن يبدي رأيه بالخصوص، أيا كان.