تمثل العناية بالمولود الجديد تحدياً كبيرا لدى الأمهات الجدد، وتثير رعاية المولود والاهتمام به بدءاً من احتياجاته اليومية إلى حاجاته الطارئة إلى مراقبة نموه عددا من التساؤلات التي يبحثن عن إجابة شافية لها بشكل مستمر.
يقول أخصائي الأطفال وحديثي الولادة في مستوصف الرازي الدكتور نبيل حنفي زقدان، إن أول انطباع سيسيطر على كل أم جديدة هو "أن طفلها ليس جميلا بالقدر الذي كانت تتوقعه". وستلاحظ ورم في إحدى جهات الرأس، وقد يكون هناك تورم في الوجه، وكذلك حول العينين المغمضتين والأنف مفلطح والأذن ملتصقة.. وكل ذلك يكون بسبب خروج الرأس الكبير نسبيا من الحوض الضيق، وستكون بشرة الطفل مائلة إلى اللون الأحمر الفاتح، والأطراف مائلة إلى اللون الأزرق، وستكون هذه البشرة مغطاة بمادة دهنية لزجة، وقد يكون بها بعض الشعر الأسود الخفيف، والحبل السري مقطوع والأعضاء التناسلية الخارجية بها بعض الورم، وأما متوسط قياسات الطفل حديث الولادة فهي الطول: 50 سم، والوزن 3 كجم، ومحيط الرأس: 35 سم.
وعن موضوع "الحواس" بين زقدان أنه موضوع محل جدل كبير، فكثير من الناس يعتقد أن هذا الكائن الصغير لا يرى ولا يسمع ولا يحس إلا بعد 40 يوما من ولادته. ولكن واقع الحال يقول إنه يتمتع بحواسه الخمس منذ اللحظة الأولى لولادته، لكنها لا تصل إلى كامل النمو إلا بعد مرور بعض الوقت.
ويلخص الدكتور نبيل كيفية العناية بالمولود الجديد في خطوات وهي:
التغذية والاستحمام
الرضاعة الطبيعية لها فوائد ومنافع كثيرة فيجب أن تحرص عليها الأمهات، وعن عدد الرضعات فالأصل هو إرضاع الطفل حسب حاجته ورغبته. وإذا لجأت الأم إلى الرضاعة الصناعية فلا بد من استشارة الطبيب المختص.
وعن الأغذية الإضافية. يقول من الأفضل أن يعتمد الطفل على الرضاعة الطبيعية فقط حتى الشهر الرابع.ويفضل عدم تحميم الطفل في الأيام القليلة الأولى إلا للضرورة، وذلك بغرض الاحتفاظ بالمادة الدهنية التي تغطي الجسم والتي تحمي الجلد من الميكروبات والتغيرات الجوية. وبعد ذلك يجب التأكد من أن جو الحجرة دافئ وخال من التيارات الهوائية. وأن يكون قبل الرضاعة تجهيز أدوات الاستحمام قبل البدء وهي "حوض به ماء فاتر، صابون، شامبو، زيت جسم، أسفنجة مخصصة للأطفال، منشفة، مشمع بلاستيك، وملابس قطنية". مع مراعاة ألا تزيد فترة الاستحمام على خمس دقائق في هذا العمر. وبالنسبة للحبل السري فاستخدمي المسحات الطبية فقط للتطهير، ولا تستخدمي البودرة ولا المراهم ولا الكحول ولا غيرها فقد يتأخر نزول الحبل السري إلى ما بعد الأسبوع الأول، ولا تستعجلي فقط حافظي على نظافة المكان.
العناية بالعينين والأذنين
لا تحاولي فتح العيون المتورمة بالقوة، سيفتح الطفل عيونه تلقائيا وبالتدريج بعد وقت قصير، قد تفاجئين بوجود بقع حمراء صغيرة تحت بياض العين، فلا تقلقي، إنها تجمعات دموية صغيرة نتيجة الضغط على العين أثناء الولادة وستزول تلقائيا، استخدمي القطرة التي وصفها لك الطبيب لتطهير العيون، وإياك والكحل المكون من مادة الرصاص السامة. ولا تتطلب الأذن عناية خاصة فقط لا تحاولي إدخال عيدان تنظيف الأذن، فقط قومي بإزالة الشمع إذا وجدته خارج فتحة الأذن.
الحفاظ والملابس
من المستحسن تغيير الحفاظ في كل مرة يحدث فيها إخراج، وبعد التنظيف الجيد تدهن المنطقة بالفازلين أو أحد الكريمات الواقية، ولا تستخدمي المناديل المعطرة ولا المراهم الكورتيزونية، ولا تغلقي الحفاظ بشدة حتى لا يمنع التهوية، وحاولي أن تتركي الطفل بدون حفاظ كلما وجدت الفرصة لذلك.
استخدمي الملابس القطنية الفضفاضة، وطبعا يختلف ثقل الملابس حسب فصول السنة، ولكن في كل الأحوال لا تسرفي في لف الطفل أو في تعريته وخير الأمور الوسط.
التطعيم والأعراض المرضية
هناك تطعيم يعطى للطفل في خلال الشهر الأول، ولكن يختلف ميعاده ونوعه من بلد لآخر، وهناك تطعيمات تعطى بعد شهرين وأربعة وستة أشهر، يجب الحفاظ عليها كاملة تحت إشراف الطبيب وفي أوقاتها المحددة.
وفي هذه الفترة الحرجة من العمر يكون الأطفال الأصحاء معرضين لبعض الوعكات الصحية المتكررة، وترجع هذه الوعكات في الغالب إلى عدم اكتمال نضوج الوظائف الحيوية بجسم الطفل حديث الولادة ومن أشهر هذه الأعراض القيء، والإسهال، والإمساك، والمغص، وانتفاخ البطن، والبكاء، بالإضافة إلى الصفار الفسيولوجي والارتفاع الطفيف في درجة الحرارة والزكام والفتاق السري وكثرة الدموع وغيرها. وهذه الأعراض هي التي فتحت الباب على مصراعيه للطب الشعبي وطب الأعشاب للدخول إلى عالم حديث الولادة فلكل عرض من هذه الأعراض وصفات وأعشاب وممارسات. تبدأ بالكراوية وآخرها الينسون إلى أن تنتهي إلى الكي وغيره من الممارسات الخاطئة والظالمة للطفولة البريئة.
الدعم النفسي
الحقيقة أن هذا الكائن الصغير مخلوق له حس وحواس وله مشاعر وعواطف ويفرح ويحزن ويغضب ويرضى ويحب ويكره ويتألم ويستمتع، وهو يعبر عن هذه المشاعر والأحاسيس بطريقته الخاصة، فهو يبكي ويبتسم ويناغي ويئن وينام ويسهر ويرقص برجليه ويرفس بهما أيضا وهكذا. ولعل أول صدمة نفسية يعانيها الطفل هي صدمة الولادة نفسها، فالطفل يعيش في رحم أمه حياة رومانسية حالمة في برج عاجي، محاطا بأغشية وجدران سابحا في بحر من السوائل على نغمات دقات قلب أمه، يأكل ويشرب ويتنفس بمضخة آلية وفجأة يجد نفسه مطرودا بالقوة الجبرية خارج جنته الجميلة إلى عالم زاخر بالقسوة والمعاناة، ولعل الصدمة النفسية الثانية، والتي يكون بعض الأطفال معرضين لها هي استبدال ثدي أمه برضاعة زجاجية، وأفضل دعم نفسي تستطعين أن تقدميه لطفلك في هذه المرحلة هو أن تضميه إلى صدرك وتسمعيه دقات قلبك.