ولكي يعرف المسؤول المخلص أننا نشكر، فسأشكر اليوم معالي وزير النقل، الدكتور جبارة الصريصري على الشخصي والعام، الشخصي لأنه كرر الاتصال بي ولم تمنعه المشاغل أو ارتفاع المنصب ونحن نتحادث عن قطعة الموت المريعة في طريق الملك عبدالله بأبها الحضرية، ثم وقف معي على كل التفاصيل التي رأيته يلمسها مثلما يلمس تفاصيل منزله، أشكره على العام لأنه الوزير الذي أنقذ مشاريع الطرق من عنق الزجاجة ووقف في السنوات الأخيرة على ازدواجيتها وللمرة الأولى، بالمثال أخرج من أبها على اتجاهات المناطق السعودية الأربع في طريق مزدوج. هذه الطرق لا تختصر لنا قصة الوقت، بل قصة الموت فماذا بقي لنا معالي الوزير؟
بقي صاحب المعالي هذه المسافة القصيرة جداً على تقاطع كل الطرق المزدوجة. ومثل ما قلت لك مساء البارحة: إنه القبر المفتوح للأسف الشديد وثمة طريق سمي باسم الملك الأغلى الأحب. لن يرضى أبداً معالي الوزير بمنظر زوج وزوجة وطفل ندفنهم معاً في ثلاثة قبور متجاورة بينما – المزدوج – على جانب الطريق مكتمل منذ ستة أشهر ثم يقفله المقاول بلا سبب وجيه ولست بالذي يجزم أنهم على ذمته. لن يرضى المسؤول بجثث ثلاثة آخرين في ذات الليلة وذات المكان – تقريباً – وذات الطريق بينما، ومرة أخرى، لا يوجد سبب وجيه وحيد لقفل ازدواج ذات الطريق مهما ومهما ومهما كان السبب. من هو الذي سيأخذ ست جثث في ليلة واحدة على ذمته؟ لن يقبل معالي الوزير مأساة شابة فقدت زوجها على ذات الطريق بعد ستة أيام من ليلة الزواج، وفي اليوم الثاني من الشهر الفضيل ولن يرضى أبداً معالي الوزير حين أقول له إن – العدد – قد وصل لتسعة ضحايا في هذا الشهر. صاحب المعالي: قطعة الموت هذه التي باتت حديث كل عسيري مجرد 24 كيلومتراً انتهت منها بالضبط 14 كيلاً ولم يبق إلا أن نقص الشريط ولكن المقاول الشهم لم يجد المقص المناسب بذات السهولة التي نجد بها الكفن. ما تبقى بالضبط هو عشرة كيلومترات ومئتا متر وهذه المسافة لا تحتمل عقداً بثلاث سنين مهما يكن السبب. لا يمكن لتقاطع كل الطرق من جدة إلى نجران ومن الرياض لجازان أن تكون نقطة للموت: مسافة قصيرة للموت.