ساد الغموض في تونس أمس، حول إمكانية الخروج من الأزمة العميقة التي تتخبط فيها منذ يوليو الماضي، بينما يتبادل الإسلاميون الحاكمون والمعارضون الاتهامات بالمسؤولية عن فشل المباحثات في تعيين رئيس وزراء جديد.
وحتى الوسطاء في المفاوضات "الاتحاد العام التونسي للشغل، وجمعية رجال الأعمال "أوتيكا"، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين"، الذين أعلن مساء الاثنين تعليق الحوار الوطني لأجل غير مسمى بعد عشرة أيام من التباحث، لم يتمكنوا من توفير عناصر إجابة.
وقال الأمين العام لاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي، "قررنا إيقاف هذا الحوار حتى نوجد له أرضية صلبة لنجاحه"، مؤكدا "لم نتوصل لتوافق على الشخصية التي سترأس الحكومة، حاولنا تذليل الصعوبات لكن لم يحصل توافق". وأضاف "إذا لم تتوصل الأحزاب إلى توافق، فإننا سنتحمل المسؤولية، وسنقدم أسماء أشخاص نعدّهم قادرين" على تولي منصب رئيس الوزراء، دون مزيد التفاصيل، في حين يجب أن تحصل الحكومة الجديدة على موافقة الإسلاميين وحلفائهم، إذ إنهم يشكلون الأغلبية في المجلس التاسيسي.
وتبادل رجال السياسية بمن فيهم إسلاميو حركة النهضة والمعارضون التهم بمسؤولية المأزق. وقال باجي قائد السبسي، زعيم حزب نداء تونس "إنها مسؤولية الذين "في السلطة" لا يريدون الانضمام لتوافق والخروج من الأزمة"، مضيفا إن "تعليق الحوار لا يمكن إلا أن يغرقنا في أزمة هي أصلا خطيرة". وفي المقابل، عدت حركة النهضة أن المعارضة هي التي تسببت في فشل الحوار برفضها المرشح الوحيد الذي تعده كفئا، أي أحمد المستيري "88 سنة"، الذي تولى عدة مناصب وزارية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، لكن منتقدوه يعدونه طاعـنا في الـسن وعاجزا على أداء المهمة.
وقال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة "نحن مرشحنا أحمد المستيري، وهو أكفأ الموجودين لقيادة هذه المرحلة، وليس هناك من سبب معقول لرفضه"، مضيفا "من واجب الائتلاف أن يسلم الحكم لشخصية معروفة باستقلاليتها". لكنه قلل من خطورة فشل الحوار رغم أن الحياة السياسية والمؤسساتية مشلولة منذ أكثر من ثلاثة أشهر بعد اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو الماضي. وقال إن "الحوار الوطني معلق سيـستأنف في وقـت ما؛ لأن البـلاد في حاجـة ماسـة إليـه". وألقـت الصـحافة اللوم على الطرفين.
وأمنيا، أعلنت الرئاسة التونسية الأحد، تمديد حالة الطوارئ ثمانية أشهر، أي حتى يونيو 2014. وذلك يدل على اشتداد الخطر، إذ إن الرئيس المنصف المرزوقي كان منذ 18 شهرا يمدد حالة الطوارئ كل ثلاثة أشهر. وتراجعت شعبية الإسلاميين الذين تولوا الحكم في أكتوبر 2011، بسبب تعدد الأزمات السياسية، واغتيال معارضين، والمواجهات مع المسلحين المتطرفين، وركود الاقتصاد، والجدل بشأن محاولاتهم المفترضة لفرض "التيار الإسلامي المحافظ" على المجتمع أو انتهاك حرية التعبير.