أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن العلاقات الحقيقية بين الأصدقاء لا تقوم على المجاملة؛ بل ترتكز على الصراحة والمكاشفة بين الطرفين، وطرح وجهات النظر بكل شفافية، ومن هذا المنظور فمن غير المستغرب أن تشهد الرؤى، والسياسات نقاط التقاء، واختلاف، وهو أمر طبيعي في أي علاقة جاده تبحث في كافة القاضايا، وتطرح مختلف وجهات النظر، وتسعى الى معالجتها من خلال الحوار المتواصل بين البلدين، وعلى كافة المستويات، وذلك بغيه الوصول إلى منظور مشترك، ينعكس إيجاباً على حلحلة القضايا وانفراجها.
وقال: إن العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية تقوم على الاستقلالية، والاحترام المتبادل، وخدمة المصالح المشتركة بين البلدين، والتعاون البناء في التعامل مع القضايا الإقليمية، والدولية، خدمة للأمن والسلم الدوليين.
جاء ذلك في بيان خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم في الرياض، بمشاركة وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري.
وفيما يلي نص البيان:
يسرني أن أرحب بداية بالوزير جون كيري، والوفد المرافق له في المملكة العربية السعودية، وقد استقبل خادم الحرمين الشريفين بعد ظهر اليوم معاليه، وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين بلدينا ومجمل الأوضاع في المنطقة ومستجداتها.
وأود في هذا الصدد أن أشير إلى التحليلات والتعليقات والتسريبات التي أسهبت مؤخرا في الحديث عن العلاقات السعودية الأميركية، وذهبت إلى حد وصفها بالتدهور، ومرورها بالمرحلة الحرجة والدراماتيكية.
إلا أنه غاب عن هذه التحليلات أن العلاقة التاريخية بين البلدين كانت دائما تقوم على الاستقلالية، والاحترام المتبادل، وخدمة المصالح المشتركة، والتعاون البناء في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية خدمة للأمن والسلم الدوليين.
إن العلاقة الحقيقية بين الأصدقاء لا تقم على المجاملة، بل ترتكز على الصراحة والمكاشفة بين الطرفين، وطرح وجهات النظر بكل شفافية، ومن هذا المنظور فمن غير المستغرب أن تشهد الرؤى والسياسات نقاط التقاء ، ونقاط إختلاف، وهو أمر طبيعي في أي علاقة جادة تبحث في كافة القضايا، وتطرح مختلف وجهات النظر، وتسعى إلى معالجتها من خلال الحوار المتواصل بين البلدين وعلى كافة المستويات، وذلك بغية الوصول إلى منظور مشترك ينعكس إيجابا على حلحلة القضايا وانفراجها.
أود أن أشير أيضا إلى أن اعتذار المملكة عن عضوية مجلس الأمن لا يعني بأي حال من الأحوال انسحابها من الأمم المتحدة، وخصوصا في ظل تقدير المملكة للجهود البناءة لمنظماتها المتخصصة في معالجة العديد من الجوانب الإنسانية والتنموية والاقتصادية والصحية وغيرها، إلا أن المشكلة تكمن في قصور المنظمة في التعامل مع القضايا والأزمات السياسية وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، والسبب عجز مجلس الأمن في التعامل معها، مع الأخذ في الاعتبار أن مجلس الأمن لم يشكل فقط لإدارة الأزمات الدولية ، بل العمل على حلها من جذورها وحفظ الأمن والسلم الدوليين. وينعكس هذا القصور بشكل واضح في القضية الفلسطينية التي تراوح مكانها لأكثر من ستين عاما، كما أن اختزال الأزمة السورية في نزع السلاح الكيماوي الذي يعتبر أحد تداعياتها ،لم يؤد إلى وضع حد لأحد أكبر الكوارث الانسانية في عصرنا الحالي. فضلا عن أن التقاعس الدولي في التعامل الحازم وتطبيق سياسة جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والسلاح النووي، أبقى المنطقة تحت مخاطر هذه القنبلة الموقوتة التي لن تنزع فتيلها مساومات التعامل مع إفرازاتها ، أو مناورات الالتفاف عليها.
إن هذه القضايا وغيرها من القضايا والاضطرابات التي تشهدها المنطقة وعدد من دولها، كانت ولا زالت محور اهتمام وجهود المملكة ، ومحور البحث مع الولايات المتحدة وكافة الأطراف الدولية الفاعلة وعلى المستويين الثنائي والمتعدد ، وفي إطار مبادئ الشرعية الدولية والمواثيق والاتفاقات وأحكام القانون الدولي العام التي من شأنها وضع حد لهذه الأزمات، بعيدا عن المناورات السياسية والمساومات، والتي دفعت إلى هجرة العديد من هذه القضايا من أروقة الأمم المتحدة لتبحث عن الحل خارجها.
أود أن أشير أيضا إلى أن المملكة تدرك تماما أهمية المفاوضات في حل الأزمات، ولكننا في نفس الوقت نرى بأن المفاوضات لا ينبغي أن تسير إلى مالا نهاية، خصوصا وأننا بتنا نقف أمام أزمات جسيمة لم تعد تقبل أنصاف الحلول، بقدر حاجتها الماسة إلى تدخل حازم وحاسم يضع حدا للمآسي الإنسانية التي أفرزتها هذه الأزمات ،وليس أدل على ذلك من عدم قدرة النظام الدولي على إيقاف الحرب ضد الشعب السوري. رغم أن الخيارات المعنوية بين الحرب والسلم واضحة وضوح الشمس، وبما لا يدع مجالا للاجتهاد بين وقفة حزم لحقن الدماء في كارثة إنسانية أو التغاضي عنها.
ختاما أود التنويه إلى أن بلدينا الصديقين منهمكتان في التعامل مع هذه القضايا بكل جدية وشفافية ، في سياسة لامجال فيها للعاطفة أو الغضب، بل بتحكيم لغة العقل والمنطق، على أساس من الثقة المتبادلة في تلمس السبل الكفيلة بمعالجتها.