إذا رأيت أقلامهم لا تظنها مجرد قصب، بل تحسبها شموعاً استلت نورها من غار حراء، ومن آية "اقرأ"، من كثرة الآيات التي سطرتها "بأشكال وألوان" متعددة، هناك في الكوخ المعتق بالقدم بمركز النخلة، تجد ثلة من جماعة الخط العربي بالأحساء ينثرون حروف العربية كل ليلة اثنين وخميس، تسحرك براعتهم وتعاملهم الرقيق مع كل حرف، "الوطن" زارتهم ذات مساء وكان هذا الحوار مع رئيس الجماعة الخطاط العربي عباس بومجداد.

أخذت جماعة الخط العربي في الأحساء على عاتقها أن تحقق أشياء حدثنا عن فكرة إنشاء الجماعة.

بدأت الفكرة في إيجاد تجمع فني يخص الخط العربي والخطاطين في واحة الأحساء, بدعوة بعض الخطاطين للاجتماع في منزلي حتى فترة ما, بعدها التقينا بالمهندس عبدالله الشايب وتفضل مشكوراً باستضافتنا في مركز النخلة للصناعات الحرفية في بداية إنشائه، وانتقل تجمعنا وتطور في تقديم الدروس والدورات وخدمة الخطاطين في المنطقة عموماً.

استل الحرف العربي قداسته من القرآن الكريم، وأصبح محفوظاً إلى يوم الدين، واحتل مكانة مرموقة على أستار الكعبة المشرفة ليشاهده كل من يطوف بالبيت العتيق أو استقبله للصلاة، كيف تنظرون إلى ذلك؟

التصاق الخط العربي طوال فترة تطوره بالقرآن الكريم أعطاه قداسة واحتراماً كبيراً، كما أنه أدى لاختيار الأشكال الأفضل والأكمل للخطوط التي استمرت حتى اليوم، ومن الفخر أن يكسى أقدس بقاع الأرض بكسوة يزينها الخط العربي بجماله وروعة كتابته، وهذا وسام شرف عظيم يتفاخر به أي خطاط عربي.

المشكلة الأساس بين الخط والمجتمع أنه لا يوجد تعلق به، فليس منتشراً بين العامة الحرص على اقتناء لوحات مثلما يحرصون على "التحف، الكماليات، الأثاث القديم"، وهذا ما يؤرق الخطاطين، إلى أي مدى صحة ذلك؟

فن الخط العربي رغم كونه أبرز السمات الحضارية للعرب خاصة والمسلمين عامة، إلا أنه لم يحظ عندنا بالاهتمام، لا من ناحية الاقتناء والتقدير خصوصاً في الخليج العربي، وهذا نتيجة ضعف الوعي الثقافي والفني بهذا التراث والفن، لذلك نطمح أن نحقق تغييرا في الفترة المقبلة من خلال نشر هذا الفن والتعريف به، وكل ما يتعلق به سواء على مستوى المجتمع أوعلى المستوى الرسمي.

تدخل الأكاديمية وغيرها مكوناً أساسيا في تشكيل وتنوع لوحات الخطاط، هل هناك ثمة علاقة بين الاثنين في الإبداع الفني؟

بالطبع الثقافة الفنية والأكاديمية ستقدم عملاً أكثر نضجاً وقوة يصمد أمام النقد الفني السليم كونه بني على أسس صحيحة وعلمية وليست جمالية فنية بحتة, ففن الخط العربي ليس فناً فقط بل هو علم يخضع لقواعد وقوانين مفصلة، وهذا ما يجب أن يعرفه كل من يدخل في هذا الفن.

يضطر خطاطون إلى لَيِّ ذراع بعض الأحرف استجابة لشكل اللوحة مثلاً، فيؤلمون الحرف كثيراً على حساب الشكل دون القاعدة الفنية، ما تعليقكم على ذلك؟

تختلف طريقة إنتاج العمل الفني بناءً على مستوى فهم واستيعاب الخطاط لماهية وأساسيات وفلسفة الفن الإسلامي عامة، وفن الخط العربي خاصة, فنجد بعض الأعمال الخطية تحاول تمثيل النصوص بالرسم لدرجة تلوي الحروف لتخدم الرسم وليس العكس، فالمفروض أن يكون الحرف هو العنصر الأقوى والأهم لا العنصر الأضعف, فيمكن الإبداع في تمثيل المعاني بالتعبير عبر الخطوط العربية مع عدم المساس بقاعدة وأساس الحروف.

ما طموح وآمال الجماعة حالياً؟

نطمح إلى زيادة الوعي بالتعريف بهذا الفن ولزيادة عدد الخطاطين بالمنطقة واكتشاف العنصر النسائي في مجال الخط العربي أو الزخرفة الإسلامية ونشر الفن بين النشء، والجماعة تضم كوكبة من خطاطي الأحساء ومنهم عبدالله المحمد صالح، ومصطفى الغانم، ويوسف الجنوبي، محمد وحسين الشواف.