غاب صوت المرأة السعودية، وضاعت أبسط حقوقها في الملتقى الذي سموه ملتقى المرأة السعودية تحت عنوان: "المرأة العاملة.. حقوق وواجبات"، الذي بلغ حضوره ألف امرأة، في تجمع شهدته قاعة الملك فيصل للمؤتمرات، بعد أن تم اختزال معاناة المرأة السعودية من الألف إلى الياء في أصوات سيدات متخفية خلف "الحريم"، ورغم أنه ملتقى للمرأة، إلا انه لم يظهر في التغطية الإعلامية إلا مجموعة من الرجال، ينعكس من مظهرهم الغلبة، بمقابل تكريس الضعف والدونية لحال المرأة الذي ساعدت عليه المرأة نفسها وسمحت به، كون الأمر لا يتعدى توصيات تقليدية وإلزامية لا تغير من حال المرأة إلى الأفضل.
الملتقى لم يخدم المرأة بالشكل المرضي، ولم تكن النساء الأكاديميات التي تحمل بعضهن عقلية الجارية مؤهلات للحديث عن وضع المرأة عموما، والأسباب تعود للآراء التي انطلقت لتتحدث عن حقوق المرأة وواجباتها من خلف "الحاجز الحريمي"، وكيف أن ما جرى ليس إلا تكريسا للعبودية التي تعيشها المرأة، والتي تحرضها على أن تكون عالة وليست عاملة، وأنها ليست سوى نصف رجل بما يترتب عليه عملها من إهمال لجوانب حياتها الأخرى، وهذا يتضح من المضامين التي لا تخدم العنوان الذي نظم لنقاش موضوعه في الملتقى، ونأخذ مما ذكر استنتاج مركز باحثات لدراسة المرأة بإحصائية تم استعراضها بغير مناسبة كالتي تقول: "إن ما نسبته 47% من عينة نسائية تؤكد أن الرجل أحق بالفرص الوظيفية"، إضافة إلى 36% تقول: "إن عمل المرأة يعرض للاختلاط ثم الخلوة"، هذا بمقابل المطالبات برواتب شهرية، وإسكانات للمطلقات والأرامل بدون عمل! مع ملاحظة أن المتحدثات ذوات مناصب مرموقة.
إذا كنا سنفتتح ملتقى لأجل مناقشة وضع المرأة في سوق العمل، ثم تقول أكاديمية إن الأصل أن ينفق عليها وليها، فيفترض أن نحول الملتقى إلى "حلقة تحفيظ"، يتحدث فيها من يشاء ولو كان دون أهلية، وهذا يأتي في البحث عن الحجج والتصريح بالآراء الناتجة عن القناعات الشخصية المتصلبة في فعالية يفترض أن تتناول حال المرأة السعودية كما يحق لها، وفق ما تنص عليه الاتفاقات الدولية للحقوق الإنسانية إجمالا؛ لأن تأهيل المرأة العاملة يأتي في تعزيز ثقتها مهنيا بالأداء في العمل الذي تكلف به، وما تواجهه في بيئة العمل، والانعكاسات الإيجابية عليها ذاتيا، إضافة إلى نجاحها في الإلمام والتوفيق بين عملها وشؤون حياتها الأخرى.
علينا إعادة النظر في المسميات التي تطلق على مثل هذه الأنشطة، فيما تقتضيه النقاشات من النساء اللاتي لا يردن لأنفسهن إلا ما يريده الرجل؛ لأن بعض النساء، مهما بلغت من الدرجة العلمية، إلا أنها تحافظ على إعجاب الرجل بها في تكريسها دور الجارية لنفسها ولمثيلاتها، وكيف لا يكون الشعور بهذا الإعجاب عظيما، إذا كان يعزز مكانة الرجل ويرضيه كسيد؟!