دعا مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، إلى حسن الظن بين الراعي والرعية، مطالبا أطياف المجتمع من علماء ومفكرين ومثقفين وتربويين واقتصاديين وإعلاميين بنبذ الخلافات واجتماع الكلمة والبعد عن نشر الأراجيف والإشاعات الباطلة خصوصاً في هذا الزمان.
وأكد آل الشيخ في خطبة الجمعة بجامع الإمام تركي بن عبدالله وسط الرياض أمس، على أن المجتمع لا تنتظم حياته ولا تستقيم أموره إلا أذا كان بين الراعي والرعية تبادل حسن الظن، ففي حين يتوجب على الراعي حسن الظن برعيته والسعي في مصالحهم، يجب كذلك على الرعية أن تحسن الظن بقادتها، وأنهم يسعون إلى مصالحهم وما يضعونه من لوائح تهدف إلى إصلاح المجتمع واجتماع الكلمة وبحث الخير للاجتماع.
وأشار آل الشيخ إلى أنه من الضرورة بمكان على أطياف المجتمع كافة أن يبقون الخلافات جانباً، ويتخذون من حسن الظن منهجاً للنهوض بالمجتمع والحرص على سلامته ووحدة صفه، مضيفاً: "وإننا في زمن نحتاح فيه إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصف لأنه هناك التحديات السيئة من الأفكار، فلا يجوز لأحد أن ينشر الأراجيف والإشاعات الباطلة يزعزع بها المجتمع ويبطل ثقتنا ببعض".
كما حذر مفتي عام المملكة من المفرقين بين الناس والناقلين للنميمة بين الأحبة، مشيراً إلى أنه من شأن ذلك ملء القلوب حسداً وحقداً، مضيفاً: "إنه ليعلم كل مسلم أن هذا الدين منتصر وباقٍ، وإن كل ما انفرجت كربة أتت بعدها كربة أخرى ولكن هذه أمور بقضاء الله وقدره وأسبابها ذنوب العباد، ولكن الله ناصر دينه ومعلٍ كلمته مهما كثرت الفتن فلا بد له أن ينتصر".
وقال آل الشيخ إن العالم الإسلامي مر بمنعطفات كثيرة فارتد العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، إلا قليلا فما زال الصديق يقاتلهم حتى أعادهم إلى ملتهم، وكم عانى المسلمون من الحروب ومع هذا لا يزال هذا الدين قوياًّ وباقياًّ، وعلى المسلمين جميعاً أن يكونوا واثقين بالله وساعين فيما يحقق الخير والصلاح، وأن يوفق قادتنا وولاة أمرنا لنصرة هذا الدين والقيام بواجبه". وأضاف: "إن حسن الظن بالله شعبة من شعب الإيمان وخصلة من خصال التوحيد ولا يكمل إيمان عبد حتى يكون محسن الظن بربه، وحسن الظن بالله أن تظن بالله البر والإحسان والعطاء والمعاملة الحسنة بالدنيا والآخرة".
وبين مفتي عام المملكة أن حسن الظن بالله يكون بأمور منها دعاء الله - جل وعلا - فقد أمرك الله بدعائه ووعدك بالإجابة، فإذا طلب الشخص حاجة من ربه بأحسن الظن به فكن موقناً على إجابة الدعاء، مضيفاً: "أنه قد تتأخر الإجابة فلا تستعجل فإن ربك أرحم بك من نفسك وأبويك بك.. ويا أيها المسلم اطلب الله وألح بالدعاء فإنك تسأل غنياًّ حميداً قادرا".
وأوضح مفتي عام المملكة أنه من حسن الظن بالله أنك إذا وقعت بالمصائب والبلايا وأحاطت بك الهموم والغموم فاعلم أن هذه المصائب سبيلها الفرج والتسهيل، ومن حسن الظن ما يكون بين الزوجين فإذا اتفقا عمر البيت، وبنيت الأسرة على أحسن حال ولكن عند اختلاف الزوجين فإن سوء ظن بعضهما يكن سبباً لهدم البيت وحصول الطلاق ولا يجوز للزوج ولا الزوجة أن يسوء كلاهما الظن بصاحبه فإن الوساوس والشكوك من أسباب الفرقة، داعياً إلى الابتعاد عما يثير ذلك، وكما أدت الاتصالات والتقنيات الحديثة إلى إحداث بلبلة ونشر رسائل مكذوبة من زوج لزوجته أو العكس إلى الفرقة، وسوء الظن يصدر أحيانا من تصرفات بعض الرجال بتصرفاتهم الخاطئة واتصالاتهم المشبوهة.
وأشار إلى أنه من سوء الظن بالله سوؤك الظن بقضاء الله وقدره وما ترى من تفاوت الخلق في أرزاقهم وأخلاقهم، فكل ذلك بحكمة الرب جل وعلا، فإن قضاء الله وقدره مبني على كمال علم الرب وكمال حكمته وعدله ورحمته.