قد يبدو المصطلح أعلاه سلبيا بعض الشيء، وقد يبدو أن من يستخدمه شخص مستهتر، إذ يرى البعض أن الابتعاث يعني الدراسة فقط، وأن من يستفيد منه لغرض السياحة طالب مهمل، أتى لغير الغرض الذي ابتعث لأجله.

في الواقع، لا أجد ما يمنع أن يكون الطالب سائحا في بلد الابتعاث، بل أرى أنه أمر صحي ومفيد، طالما لم يكن لذلك تأثير سلبي على التحصيل الدراسي، بل إنه قد يكون عاملا مساعدا ومحفزا، بل هو أحد الأهداف الكامنة وراء الابتعاث، الذي لا يهدف فقط لنيل الشهادة، بل اكتساب خبرات حياتية مختلفة، وتطوير المهارات الفردية، والقدرة على الاعتماد على النفس، والاختلاط بالثقافات المتعددة، والتعرف عليها، والاستفادة منها، وبذلك تحصل الفائدة الشاملة.

في المقابل، هناك من يتبجح بأنه لم يقدم لبلد الدراسة إلا لغرض السياحة، ولا يهمه إن أكمل مسيرته التعليمية، أم لا، ووجود هؤلاء أمر طبيعي في ظل الكم الهائل من المبتعثين، الذين منحوا الفرصة عبر برنامج خادم الحرمين الشريفين، وبالرغم من سلبيتهم، إلا أن هناك إيجابية ـ وإن كانت محدودة ـ تتمثل في اعتمادهم الكبير على الذات في حياتهم، بل إنك تجد منهم من يتحدث اللغة الأجنبية بطلاقة، أكثر ممن انتظموا في صفوف الدراسة، لكن هذا لا ينفي تفريطهم في الفرصة التي منحتها الدولة لهم، وتقصيرهم الكبير في حق وطنهم الذي كان كريما معهم في عطائه.

إن المبتعث مهما حاول الاستمتاع والاستجمام بغرض السياحة، فهذا لا يعني أن ينسى كونه طالبا أولا وأخيرا، وأن الغرض الأساس من سفره هو العلم، ثم العلم، ثم العلم، وأما الترفيه فهو مطلب أساس، لكنه سيكون أجدى لو ارتبط بالمعرفة والمهارة، بحيث يجمع الطالب الحسنيين "العلم والاستمتاع".

أخيرا، أقول لزملائي الطلبة، لا تخذلوا بلادكم ووطنكم، الذي أراد تنميتكم، والاستثمار في عقولكم، حتى تعودوا، وترفعوا رايته عاليا، وتبنوا نهضته، متسلحين بالعلم والعمل، ولتكونوا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقكم، أمام الله ووطنكم، وتذكروا أن خير الأمور أوسطها، فلا تسرفوا في المتعة، فتغيب عنكم الغاية المنشودة.