قلل خبراء أميركيون من أهمية المزاعم الروسية عن وجود مؤشرات على إعادة استخدام أسلحة كيماوية مجدداً في سورية بواسطة فصائل من المعارضة. مشيرين إلى أن موسكو تتعمد تضليل المجتمع الدولي، وتحاول الدفاع عن النظام السوري بأي شكل، حتى وإن تناقض ذلك مع الحقائق التي يدركها العالم بأسره. وقال المستشار بمؤسسة السلام الأميركية روب كليمنز، في تصريحات إلى "الوطن": إن روسيا دأبت على ترديد هذه المزاعم بصورة متكررة لتبرئة نظام الأسد من تهمة استخدام هذه الأسلحة الفتاكة في ريف دمشق في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي، مما أدى إلى مصرع أكثر من 1400 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال. وأضاف "العالم سئم من ترديد هذه الأقاويل التي لا يوجد ما يسندها، ومن الملاحظ أن موسكو تلجأ لنفس المزاعم لتحقيق أهداف محددة في أوقات معينة. وهذه المرة أثارت تلك التهمة من جديد في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود لعقد مؤتمر "جنيف – 2" للسلام أواخر الشهر المقبل. وهي تريد من ذلك تقوية الموقف التفاوضي لحليفها الأسد، وإيهام المجتمع الدولي بأن بعض فصائل المعارضة المسلحة هي التي استخدمت السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية". وتابع "التقرير الذي أصدره المفتشون الدوليون يؤكد بصورة جازمة أن الأسلحة الكيماوية استخدمت بواسطة جيش الأسد، ومع أنه لم يشر إلى ذلك بصراحة، إلا أن المعطيات كلها تؤكد ذلك، لأن التقرير أثبت أن العبوات الكيماوية التي تم تفجيرها، والصواريخ التي حملتها لم تكن معدة بصورة بدائية، بل كانت على مستوى عال، وهذا ما لا يتوفر للمعارضة".

وفي ذات السياق، أبدى المحلل السياسي لوري سايمون، تعجبه مما ذكرته الخارجية الروسية، وقال في تصريحات إلى "الوطن": "إذا حدث استخدام للكيماوي بواسطة قوات المعارضة أو أي طرف، فلن يكون ذلك أمراً سرياًّ، وهناك أسئلة بديهية تقفز إلى الأذهان، في مقدمتها متى تم استخدام تلك الأسلحة؟ وأين الضحايا؟ ولماذا لم تتحدث الحكومة السورية نفسها عن ذلك؟ ولا بد من ملاحظة أن تأثير تلك الأسلحة لا يمكن إخفاؤه بأي شكل، وبمجرد أن استخدمه نظام الأسد في ريف دمشق فإن العالم كله شهد على الهواء مباشرة تأثير تلك الجريمة المروعة وتم بث صور الضحايا، فلماذا لم يحدث ذلك الآن؟".

وكانت الخارجية الروسية قد قالت في بيان لها أول من أمس: "تبدي موسكو قلقها العميق إزاء أنباء جديدة تفيد باستخدام مسلحين من الدولة الإسلامية في العراق والشام، قذائف يعتقد أنها تحمل مواد سامة ضد سكان مدينة رأس العين المحاذية لتركيا. ونرى أن هذه المعلومات تحتاج بدون أدنى شك إلى تحرٍّ وتحقيق دقيقين".

في سياق منفصل، ندد برلمانيون فرنسيون بالتورط الإيراني في الصراع الداخلي في سورية، معتبرين طهران شريكاً في الجرائم الوحشية التي يرتكبها نظام دمشق. وفي ندوة نظمتها اللجنة البرلمانية الفرنسية من أجل إيران ديموقراطية أول من أمس بباريس، شكَّك البرلمانيون بجدوى إشراك طهران في مؤتمر "جنيف 2" بشأن الأزمة السورية. وقال عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيار ميشال: "النظام الإيراني يجب أن يحاسب على مشاركته في قمع الثوار والمدنيين السوريين العزل. ولدى الحكومة الفرنسية أدلة تثبت أن الدور الإيراني في الصراع داخل سورية لا يقتصر على الدعم السياسي والاقتصادي لنظام الرئيس بشار الأسد، وإنما يشمل أيضا إرسال العتاد والمقاتلين إلى ميادين المواجهة في البلاد".

بدوره، أعرب النائب البرلماني دومينيك لوفيفر، عن تأييده لموقف الائتلاف السوري الرافض لمشاركة إيران في المؤتمر، مستبعداً وجود أي فائدة من حضور طهران لذلك الاجتماع. وطالب حكومة بلاده والمجتمع الدولي بالضغط على النظام الإيراني لوقف تدخله في الأزمة الدائرة في سورية، والانحياز إلى جانب نظام الأسد.