تعلق قلبه بالإسلام، فاستثار يقظته المتدفقة، وتصالح مع ذاته حين خذلته واستولت عليه مشاعر الضياع والكآبة وهو يبحث عن مغزى الحياة، لم يكف عن تساؤلاته واستفهاماته ليتخفف من أعبائه، بحثاً عن فكر يستوعب القيم الأخلاقية والسمو الروحي والنزعة الإنسانية التي يرومها، مما جعل لمؤلفاته قيمة حضارية وثقافية وهي أوسع ترجمات لكاتب في العالم، حسب إحصاءات اليونسكو.

يقول الدكتور معمر الفار في مجلة دبي الثقافية: إن هناك حقائق تكشف لأول مرة أن تولستوي تعلم العربية واعتنق الإسلام وصلى في الشيشان، وانعكس تأثره بطراز وأسلوب حياة الشعب القفقاسي في روايته (الحاج مراد) و(الكازاك) حيث انغمس في صميم حياة الشيشانيين، وكان لديه أصدقاء بينهم أكدوا في شهاداتهم أن الأديب الروسي صلى معهم على الملأ. لما شارف تولستوي على الخمسين من عمره ، حدث تغير كبير في حياته، وحدث له انقلاب روحي هائل، لم يستطع النقاد تفسيره، رغم النجاحات المتلاحقة وذروة المكانة الأدبية، فقد حدثت له أزمة نفسية عميقة الجذور، كان يسعى جاهداً للوصول إلى جواب شاف لمعاني الحياة ومقاصدها ضمن عقيدة دينية مما جعله يقول عن عقيدة التوحيد في الإسلام: (جوهر هذه الديانة يتلخص في أن لا إله إلا الله، وهو واحد أحد، ولا يجوز عبادة أرباب كثيرة، وأن الله رحيم وعادل ومصير الإنسان النهائي يتوقف على الإنسان وحده. فإذا سار على تعاليم الله فسيحصل على الجزاء، أما إذا خالف شريعة الله فسينال العقاب) ويقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان من عظماء الرجال المصلحين الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة ويكفي محمداً فخراً أنه هدى أمة بكاملها إلى نور الحق، وجعلها تجنح للسكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء، وتقديم الضحايا للبشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهذا عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي وحياً وقوة من عند الله، إن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة). ويقول تولستوي: (المسلمون يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله حيث لا توجد هنا معضلة أو سر غامض، وعندما نقارن بين الإسلام وبقية الأديان، نجد أن الإسلام يسبقهم ويسمو عليهم جميعاً). وحسب رأي مترجمة القرآن الكريم إلى الروسية الأديبة فاليريا بروخافا حيث تؤكد أن تولستوي أسلم في آخر حياته، بعد قيامه بدراسة الإسلام، وأوصى أن يدفن كمسلم، ويستدل على ذلك بعدم وجود إشارة الصليب على شاهد قبره، حسب مشاهدتها الشخصية.