نشرت "الوطن" مقالاً يوم الثلاثاء 17 ذي الحجة 1434 في زاوية (ضمير متصل) للكاتب علي سعد الموسى، تحت بعنوان (من حائل إلى مقاطعة المنسك الشعبية). وحيث تضمن المقال عشقاً وولهاً وإعجاباً بمدينة حائل، لأنها تمتاز بحسن التخطيط والتنظيم وبالشوارع الجميلة التي لا توجد في أي مدينة بالعالم، وذلك خلال زيارة لها لمدة خمس ساعات. وحيث جاء بالمقال مضمون عجيب ومبالغات ومغالطات قد تنطوي لو ترسخت على أضرار بالغة بالتطلعات التنموية لمنطقة حائل وسكانها، لذلك أود إيضاح ما يلي:

أولاً: مدينة حائل التي يتحدث الكاتب عن حسن تنظيمها وجمال شوارعها ليست كمدينة بولدر الأميركية ولا تقارن بها على الإطلاق بأي شكل، وحين يمتدح الكاتب حائل بهذا الشكل فلن نفرح ونزهو بهذا الإعجاب والامتنان الزائف بحائل وشوارعها وحسن تخطيطها حين يقول (بالفم المليان إنها لا تقارن مع مدن بلادنا)، ليس لأننا لا نحب مدينتنا، بل لأننا ولدنا وعشنا وشخنا بها -عقوداً وليست ساعات خمسا- ونعرف ما هي وكيف هي، ولأننا نعرف ما هي مدينة بولدر بولاية كولورادو الأميركية التي يقارنها الكاتب بمدينة حائل البائسة. ونعلم أن بولدر أجمل وأكمل مدينة ليس بأميركا أو أوروبا، بل على مستوى العالم أجمع، وهي مقارنة تستفز مشاعر المواطن الحائلي، فضلاً عن كونها مقارنة ظالمة وتوحي للمسؤولين بالبلديات بالتبلد والخمول، وللمسؤولين بأن حائل قد اكتفت واكتمل بنيانها، وهذا يضر بمصالحنا ويقتل تطلعاتنا التنموية.

ثانياً: خلال زيارة الكاتب الكريمة لمدينة حائل، هل كانت وسيلة مواصلاته طائرة هليوكوبتر أم قطار أم سفينة؟ لأنه لو استقل سيارة لعاش ساعاته الخمس بحائل بعذاب متواصل نعانيه كل يوم حين يخرج المواطن بسيارته من مطب كالجبل إلى حفرة ليس لها قاع وطريق مهترئ أو شارع ضيق أو مسدود. هل يعلم أن عدد المطبات بشوارع المدينة 1800 مطب وفي ازدياد مذهل والحفر بالآلاف؟ في حين أنه بمدينة مجاورة وهي مدينة بريدة الجميلة يوجد مطب صناعي واحد أمام المستشفى التخصصي فقط! هل زار صديقنا الأحياء العشوائية والشعبية بالمدينة مثل المغتصبة أو البادية أو السمراء أو الخب أو السويفلة أو.. أو..؟ وهل رأى البحيرات الطبيعية النتنة بالسمراء والبحيرات الصناعية التي لا مبرر لوجودها وتهدد بالأمراض والأخطار؟ وهل يعلم أن مدينة حائل تقبع في المركز الأخير على مستوى مدن المملكة، حسب آخر الإحصاءات في جودة أسفلت الشوارع والطرق؟ هل يعلم أنه لم يفتح شارع في المدينة أو تنزع ملكيات منذ أربعة عقود؟ هل ذرع كما يقول الشوارع البائسة في ثنايا المدينة مثل أبوجرف أو أبونمر وأبوملفات الحراج أو طريق الديعجان وغيره؟ لو حصل ذلك لساعده عقله الراجح في اكتشاف (السر الضخم والخطير في قصة حائل) ويرتاح عقله الذي يتمناه في مقاله.

ثالثاً: أما فيما يخص دعوته لوزارة الشؤون البلدية ممثلة بسمو وزيرها الكريم، لإرسال الوفود من الأمناء والبلديات بالمملكة للاستجمام في حائل وليتعلموا منها المستحيل بدلاً من إيفادهم لمدن العالم الأخرى ومعرفة أسرار التفوق الفريد العالمي بحائل، فهذا دليل دامغ على ما أؤكد عليه من استغراق الكاتب في منهج بعيد عن الواقعية ويستند إلى استنقاص عقول المتلقين ولا يبرره حبه لأمانة منطقة حائل ولو وصل حد العشق.

أخيراً: أقول للدكتور علي الموسى: ما دمت صديقاً لحائل، فحائل ليست بحاجة للثناء بقدر ما هي بحاجة إلى الوفاء. وحائل لم تكتمل بنيتها التحتية قبل عقود كما تظن، وليست أفضل من الرياض أو المدينة أو أبها أو الخبر أو غيرها من مدن بلادنا. وهذه ليست مسألة جدلية أو فلسفية تتداعى لها العقول المتحيرة لتوجيه القناعات. حائل بحاجة ماسة وملحة لإعادة التخطيط وإلى الهدم والبناء والتوسعة وإزالة أحياء بكاملها وبناء الجسور والأنفاق، فضلاً عن إعادة تأهيل الشوارع والطرق.

ومن خلال هذه الصحيفة المتميزة أقدم لك الدعوة لزيارة حائل وبضيافتنا وأصدقائنا زيارة حقيقية تسمح لك بالاطلاع على كل حائل بجميلها وقبيحها، وسنقبل سلفاً بحكم عقلك وضميرك على ما نحن عليه وما نتطلع إليه.

محمد عبدالله الحليان