حذرت الأمم المتحدة أمس من مغبة فشل مؤتمر “جنيف 2” المزمع إقامته أواخر الشهر المقبل. وقالت إن النتيجة ستكون استمرار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وبالتالي مواصلة حملة القتل الرهيبة التي يقودها نظامه. ودعت المعارضة للمشاركة الفاعلة بهدف وضع حد للمأساة المستمرة منذ عامين ونصف العام. وقال المتحدث الرسمي باسم المنظمة الدولية مارتن نسيركي: “فشل المؤتمر يتيح الفرصة أمام الأسد للترشح لانتخابات رئاسية جديدة، وهذا ما يرفضه المجتمع الدولي. لذا على المعارضة أن تتغلب على مراراتها وتنظر للمصلحة العامة التي تقتضي مشاركتها للوصول إلى نتائج ملموسة تضع حدا للنزاع الذي بات يقلق المجتمع الدولي”.

وأكد ضرورة أن يدرك المشاركون في المؤتمر أن الهدف منه هو استكمال ما تحقق في “جنيف1” لإعادة إطلاق عملية سياسية تصل بالبلاد إلى الغاية التي يريدها شعبها، مشيراً إلى أن مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب النظام تزيد التوتر الطائفي بسورية والمنطقة، وهي انتهاك لسياسة الحكومة اللبنانية في النأي بالنفس.

وفي ذات السياق، أكد المحلل السياسي الأستاذ بجامعة “أميركان يونيفرسيتي” في واشنطن مايكل إيريك لـ “الوطن”، أن “جنيف 2” يمثل الفرصة الأخيرة أمام سورية للوصول إلى حلول تضع حداً ينهي الأزمة. وقال: “على رغم التأييد الذي يبديه النظام السوري في العلن للمؤتمر، إلا أنه يسعى بكل ما أوتي لإفشاله والحيلولة دون عقده، لإدراكه بأنه سيضع نقطة في آخر سطر حياته، وسيكون فرصة موائمة أمام السوريين لانتخاب حكومتهم التي تحقق أحلامهم وآمالهم في حياة كريمة”. وأضاف: “العالم كله يدرك أن المعارضة تشعر بالغبن من تخلي المجتمع الدولي عنها، وعدم معاقبة الأسد على جريمة استخدام الكيماوي ضد شعبه بالغوطة الشرقية في أواخر أغسطس الماضي. وكذلك عدم تقديم الدعم العسكري لها، ما جعلها تقع فريسة سهلة في كثير من الأحيان لجيش النظام المدعوم بقوة من إيران وروسيا، وكذلك بمقاتلي حزب الله ولواء أبوالفضل العباس، إضافة لتنامي قوة المتشددين التابعين لتنظيم القاعدة. إلا أن كل ذلك ينبغي أن يكون دافعاً لها للمشاركة في المؤتمر ومواجهة المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته”.

وكان المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر رد على دعوة نسيركي بأن المؤتمر يفتقد الرؤية الواضحة وخارطة الطريق، مفضلاً إجراء مفاوضات غير مباشرة لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة قبل التوجه إلى جنيف. وشدَّد على ضرورة وضع جدول زمني ومحدد لكل مراحل التفاوض، مع إدراج بنود ملزمة للطرفين للتطبيق تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كما أكد على عدم السماح بتقسيم البلاد.

من جهة أخرى، أكدت منظمة أطباء بلاد حدود غير الحكومية وجود حركة نزوح كثيف للمدنيين من منطقة السفيرة بمحافظة حلب، حيث تشتد كثافة المعارك منذ 8 أكتوبر الجاري. وقالت في بيان إن حوالى 130 ألف شخص فروا من البلدة، ولم يستطيعوا حمل أي شيء من أغراضهم وممتلكاتهم، مما يفاقم من وضعهم، لاسيما مع دخول فصل الشتاء القارس. وقالت المنظمة في بيان: “المساعدة الإنسانية غير كافية لتلبية حجم حاجات هؤلاء النازحين”.

وأضافت مديرة عمليات المنظمة ماري نويل رودريج: “المعارك وعمليات القصف والغارات الجوية أسفرت عن مقتل 76 شخصاً وإصابة 450 آخرين خلال 5 أيام في مدينة السفيرة وحدها. وهذه الهجمات الشديدة العنف دفعت بسكان هربوا من الحرب إلى نزوح جديد”.