من يستمع إلى بنيامين نتنياهو وهو يتحدث عن أفضاله على السلام في المنطقة يحسب نفسه يستمع إلى داعية أمضى ردحا من عمره في غياهب السجون، وأمام مكاتب المنظمات الدولية لتحقيق سلام الشعوب.

يصف نتنياهو محمود عباس بأنه شريكه في السلام ويدعوه إلى الانضمام وإياه إلى مساعي التوصل إلى تسوية تاريخية لإنهاء عقود من النزاع بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وكأنه يوحي بأن الصهاينة المغتصبين للأرض وللحقوق، أضحوا ضحايا "الفلسطينيين المعتدين" الذين استُقدموا من أصقاع العالم وسلبوا الأرض من اليهود وشردوا شعبها.

هناك من يصدق كلام نتنياهو ليس لأنه صادق، بل لأن المجتمع الغربي بحاجة إلى من يبرر جريمته التي ارتكبها بشرعنة الاحتلال والاغتصاب، خاصة أن "الشريك" يحاول أن يقنع نفسه بصدق نتنياهو.

كيف يفسر نتنياهو والجانب الإسرائيلي الشراكة ؟

هذا لم يستطع أبو مازن ومن قبله الشهيد أبو عمار الخروج بجواب شاف من الجانب الإسرائيلي عن معناه. هل هم شركاء في الأرض، وهم أصحابها الأصليون، أم إنهم شركاء في صناعة المستقبل، ويدهم مغلولة إلى رقابهم، لا يستطيعون التحرك أو التنقل إلا بأمر من ضابط إسرائيلي، قد يكون من يهود الفلاشا.

يمنّ نتنياهو بأنه غادر لبنان وغزة، وأنه لم يواجه إلا بـ"الإرهاب"، ويريد التأكد أن الأراضي التي "يتنازل" عنها لن تتحول إلى جيب إرهابي ثالث.

ما فات نتنياهو أن مغادرته لبنان وغزة لم تكن بإرادته، وإنما رغما عنه، وما يحاول أن يروجه أمام الشاشات يسقط أمام الواقع والحقيقة.