تشرفت بحضور المنتدى الاستثماري في المدينة المنورة قبل أيام، ولعل أجمل شعور هو أن تحضر مناسبة كبرى دون أن يعرفك أحد، وبدون معارف ووسطاء، فتتحول "لراصد" حقيقي دون مجاملة لصديق أو خوف من إغضاب مضيفك في مناسبة ما, وقررت في هذه السطور عدم ذكر أسماء لأنني أقف عاجزاً عن شكرهم فرداً فرداً، سواء أكانوا من المنظمين من الغرفة التجارية، أم المتحدثين، أم الحضور. كانت ثلاثة أيام رائعة جاورت فيها مسجد حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحضرت جلسات وندوات تجعلني أرفع غترتي وطاقيتي كاشفاً صلعتي الموقرة احتراما لكل من أسهم وتعب وسهر لإنجاح هذا المنتدى, والجميل في الموضوع هو الخروج عن التقليدية المقيتة في مثل هذه المناسبات، فالمنظمون لم يكتفوا بالندوات واللقاءات المكررة بل تجاوزوها إلى إكرام الحضور بجولات استكشافية في طيبة الطيبة، وأذكر منها فقط وعلى سبيل المثال: "الاستصيون" الذي لم أكن أعرف ماهيته، لولا تشرفي بحضور هذا المنتدى، وهو ما أفرحني وأحزنني في نفس الوقت، وسبب فرحي هو اكتسابي لمعلومة جديدة، أما سبب حزني فهو عدم معرفتي بهذا التاريخ الجميل قبل ذلك.

ولمن لا يعرف ماذا نعني بـ"الاستصيون" فهو خط سكة حديد الحجاز الذي يبلغ طوله حوالي 1320 كم، والذي بدأ إنشاؤه عام 1318، ويقول المؤرخون إن أول رحلة وصلت إلى المدينة المنورة تحمل الحجاج كانت في عام 1326، حيث كان حلماً لحجاج الشام والأناضول آنذاك حين كانت مسيرة القدوم للحج والعمرة تتجاوز الأربعين يوما! وبعد إتمام مشروع القطار أصبحت الرحلة تستغرق 5 أيام! واليوم وبعد مرور كل هذه السنين، وكأن التاريخ يعيد نفسه حيث نلمس بزوغ فجر استخدام قطار الحرمين لخدمة الحجاج والمعتمرين، ولا نملك إلا الدعاء لكل من أسهم في ذلك بالتوفيق, وختاماً شكرا لأهل المدينة الكرام لإقامتهم هذا المنتدى، وبإذن الله العام القادم نحتفل بتدشين المشاريع التي طرحت في جلسات النقاش وبمباركة من أميرها الشاب.. قولوا: آمين.