في هذه الأيام وأنت في عمق المنطقة المركزية بالبلد بالمنطقة التاريخية بجدة، عليك إما أن تجلب كاميرتك التصويرية الخاصة، أو تفعل من نشاط كاميرا هاتفك الجوال، وأنت تشاهد هذه الضاحية الحيوية في العروس وقد تحولت ليس منذ اليوم بل من عقود طويلة من السنين إلى ما يشبه «الاستراحة العالمية» للحجاج المغادرين من المشاعر المقدسة.
رغم اختلاف عادات الحجيج وثقافاتهم المعرفية بل وفي كل مجالات الحياة، إلا أن «مركزية جدة»، بما تحمله من خصائص «الاندماج الإنساني» وهي الصفة التي عرفت بها منذ القدم، إلا أنها استرجعت هذه الوظيفة التاريخية ما بعد انتهاء رحلة الحجيج صوب المشاعر.
هنا تستطيع أن تصف حالة الحجيج وهم يتوزعون بين أركان وأسواق وأزقة وضواحي «المنطقة التاريخية» وابتساماتهم وإعجابهم بأجواء الاستمتاع التي يشاهدونها في هذه الزاوية من جغرافية مدينة الثلاثة آلاف سنة، متنقلين بين عمليات الشراء وأخذ جوالات سياحية منفردين لعمق البنيان الجداوي العريق، والذي لا تزال بعض آثار هوية «التاريخية» باقية لليوم.
الرؤية العامة التي ينطلق منها الحجاج الذين ينتظرون رحلات مغادرتهم لبلدانهم، في الأيام المقبلة وجدوا في هذه الضاحية، لحظات راحة، يستمتعون فيها، وكأنك في مشهد بانورامي سريع، مختلف الجنسيات، بأفعال وتصورات مختلفة، لم يقدموا إلى هنا من أجل فقط الشراء وتقضيهم هدايا لأبنائهم وأصدقائهم وجيرانهم.
إلا أنه يمكن القول من خلال رصد جولة «الوطن» الميدانية أمس بأن «التاريخية» تحمل دلالات جذب من الطراز الأول، بل بعض مشرفي تلك البعثات من الشباب السعوديين يؤكدون أن أكثر الحجاج كانوا يخبرونهم بضرورة زيارة المنطقة المركزية قبل نهاية موسم حجهم، بوضعها على قائمة «الأولويات» في خانة زياراتهم، وأنهم يفضلونها بشكل كبير على المولات.
في إحدى الزوايا من مطاعم الوجبات السريعة وجد كبار السن من الحجاج الإندونيسيين «استراحتهم» فيها بتناول الشاي العدني، الذي أضحى المشروب الرئيسي في المنطقة، وهم لا يعرفون حوائجه ومحتوياتهم، إلا أن ما دفعهم لذلك هو مشاهدتهم ذلك الإقبال الكبير من قبل الناس على شربه، وزاد طلبهم أكثر من مرة.
ولا يتوقف «استمتاع» ضيوف الرحمن عند حد معين، بل يتشكل بشكل سريع ضمن دائرة المفهوم السياحي، لذلك كاميراتهم لا تفارقهم على الدوام، بل هي عدستهم لكل ما لقطته من مشاهد ومناظر تجمع بين جميع مكونات المنطقة التاريخية.
كذلك كان شراء الاحتياجات التقليدية والبخور واللبان ضمن جاء على قائمة مشترياتهم، لأنهم يعتبرون شراء ذلك حاجة ضرورية، ويدخل حكم شرائهم لها في حكم «الواجب» لا «المباح».